• القلوب الطيبة.. التي تصرّ على تمسكها بالحلم والأيام النقيّة. الأفئدة التي لا يمكنها أن تعيش في غير هذه الحالة مهما نالت من حظّ الحياة، ومهما نالت مخالب الحياة منها، لأنها لم تخلق للرغبات المجانية، ولا للكيد والإساءات والضغينة!.

• في ريفنا بالجبل يقولون عن صاحب القلب الطيب: "والله إنه مثل امّـ مطر إيلا أقبل"، والأرض التي يألفها المطر، يصير له عند أهلها حكايا وأسماء. إذا أقبل المطر فله اسمٌ ومعنى، يختلف عن المطر إذا اشتد، وللمطر إذا أدبر اسم ومعنى آخر. إذا أقبل المطر عندهم تيقنوا أنه يحمل معه صفاء السماوات، وأفراح الشجر والغيب، وأنه جاء معه بالبشارات، ورائحة الحقول، ورقص الفلاحين.. وفي الريف، الذي يألف أهله المطر، يصفون النفس الطيبة بأول ما يأتي منه.. يقولون والله أنه مثل المطر إذا أقبل!.

• عبدالرحمن السدحان.. عاش في أبها، في مقتبل حياته، قبل أن يرحل للرياض، ومن هناك للخارج، ثم يعود ويشتغل بالوظيفة، التي لم تعطله عن الجذور الأولى ولا الكتابة. عاش بداياته في أبها، في الوقت الذي كانت المرأة فيه بجوار الرجل، جنباً إلى جنب في الزرع والحرث والحصاد، في الرعي، وعند النبع والغدير، جنباً إلى جنب.. يوم كانوا شراكةً في الرغيف والبيت والغيمة، والسدحان أحبّ تلك الأرض، وتلك الأيام من كل قلبه، وانتمى وجدانه وحنينه إليها، ومنذ ذاك العهد العذب، لم تغادر حكاياتها ولا لهجتها فمه.

لقد كان واحداً من الذين يعرفون المطر إذا أقبل، ويعرفون اسمه.. وما معناه!.

http:// www.youtube.com / watch?v =me4zLJx6R78

• في كتابه "قطرات من سحائب الذكرى" وفاء وشوقٌ كامنٌ وكبير، وتدوينٌ لتفاصيل الأمكنة والعناء. كتب عن الوجوه والرحلات، وتكلم بعذوبة الرجل الذي يعرف ما معنى القرى والصباح، وله كلماتٌ وكلمات، وروحٌ لا تعرف الكبر ولا الغلّ، وأخيراً أصدر رسائل لها نكهة العطر، جمعها في كتابٍ من البوح الخالص والرقيق!.

• في ريفنا بالجبال يصفون النفس الطيبة، التي تأتي على غير موعد، بالمطر أول قدومه، ويحلفون بالله بأعمق ما في نفوسهم من البراءة والفطرة "والله إنك مثل امّـ مطر إيلا أقبل"، وهذا الوصف يصلح بالتمام لعبدالرحمن السدحان، خالصاً من شوائب النزاعات والوجاهة والحنق.. مأخوذاً بالحياة السويّة، ومولعاً بحبه للناس والأرض، وفيّاً لتكوينه الأول في أبها قبل ستة عقود، بكل ما كان فيها من الحب، بكل ما كان فيها من الحياة!.