أثناء الجولة، تجولنا في الجناح الإيراني الذي يمثل جزءاً من التراث والثقافة الإيرانية العريقة. من خلال ملاحظتي للطريقة التي كان يتفاعل بها مع هذا التراث، وخصوصاً معرفته بتفاصيل دقيقة مثل الرقصات التقليدية للأقليات العرقية الإيرانية وأنواع السجاد الفارسي الشهير، أدركت أن هذا السفير يمتلك فهماً فريداً للثقافة الإيرانية، ليس فقط من منظور دبلوماسي، بل من زاوية عميقة تستند إلى معرفة طويلة بالفنون والحرف الشعبية التي تعبر عن هوية الشعب الإيراني. هذه المعرفة تعكس البعد الثقافي المهم الذي يمكن أن يسهم في تعزيز العلاقات بين دول الشرق الأوسط. أثناء جولتنا، التقطنا أنا والسفير الصيني صورة للذكرى وخلفنا لوحات فنية مصنوعة من السجاد الإيراني. كانت هذه اللحظة مليئة بالرمزية، حيث لم تكن مجرد صورة عابرة، بل عكست، على نحو ما، رمزية العلاقة الثقافية والتاريخية التي تربط المنطقة ببعضها البعض، يمكن النظر إلى هذه الصورة كرمز لجهود الدبلوماسية الصينية في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، من خلال أدوات التفاهم الثقافي.
وجود سفير للصين لدى السعودية، سبق له العمل سفيراً لدى إيران، يرمز إلى دور الصين المتزايد في المنطقة. فالصين، بفضل تجربتها الطويلة في التعامل مع كلا البلدين، تستطيع أن تلعب دوراً بناءً في دعم الاستقرار الإقليمي. فالسفير الصيني الذي جمع بين خبرة طويلة في إيران ومعرفة وثيقة بالثقافة السعودية يعكس الجهود الصينية لتعميق فهمها للمنطقة بأسرها، وتوظيف هذا الفهم لتعزيز التعاون والتفاهم بين الأطراف المختلفة.
ما يجعل دور هذا السفير تحديدًا ذا رمزية خاصة هو قدرته على الجمع بين ثقافتين عريقتين تتسمان بتأثيرهما الكبير في الشرق الأوسط، فالسعودية وإيران تمثلان قوتين إقليميتين لهما تاريخ طويل من التفاعل، سواء في إطار تعاون أو توترات. وجود سفير صيني لديه معرفة عميقة بهاتين الثقافتين يمكن أن يكون بمثابة جسر يربط بين الطرفين ويسهم في تعزيز التفاهم والتهدئة في المنطقة، خصوصاً وأن الصين تسعى لدور أكبر في تحقيق التوازن والاستقرار في الشرق الأوسط.
التفاعل الثقافي الذي أظهره السفير خلال حديثه عن التراث الإيراني، سواء من خلال ملاحظاته حول الفنون أو عبر التحدث ببعض العبارات الفارسية مع العاملين في الجناح الإيراني، يعكس مدى أهمية الفهم العميق للثقافات المختلفة في بناء العلاقات الدبلوماسية. هذا الفهم ليس مجرد إضافة إلى ملف السفير، بل هو مفتاح لتعزيز التواصل بين الدول على مستوى يتجاوز السياسية التقليدية، ليصل إلى ما هو أعمق: إلى قيم وتقاليد وعادات تشكل الهوية الثقافية للشعوب.
رمزية هذا السفير تكمن في قدرته على تقديم منظور مختلف للعلاقات الدولية، حيث لا تقتصر الدبلوماسية على الاتفاقيات السياسية والاقتصادية، بل تمتد إلى بناء علاقات تقوم على الفهم المتبادل والاحترام للتنوع الثقافي. فالسجاد الفارسي الذي كان محور جزء من الحديث في الجناح الإيراني، هو أكثر من مجرد منتج تجاري؛ إنه يمثل تاريخاً طويلاً من التبادل الثقافي والحضاري بين إيران وبقية دول المنطقة، بما فيها السعودية. وهنا تأتي أهمية دور الصين، حيث تسعى من خلال دبلوماسيتها الثقافية إلى تعزيز السلام والتفاهم بين دول المنطقة.
في ضوء التوترات التاريخية بين الرياض وطهران، يمكن للصين من خلال دبلوماسييها، خصوصاً أولئك الذين يمتلكون معرفة عميقة بثقافة كلا البلدين، أن تلعب دوراً محورياً في تقريب وجهات النظر. إن السفير الصيني لدى السعودية، بخبرته السابقة في إيران، يمثل مثالاً حيًا على هذه الاستراتيجية. قدرته على التفاعل مع الثقافة الإيرانية وفهمه للثقافة السعودية يجعل منه وسيطاً مثالياً يمكن أن يسهم في تقريب وجهات النظر وتعزيز الحوار بين الرياض وطهران.
تعكس جولة السفير الصيني في بوليفارد وورلد ليس فقط تفاعله مع التراث والثقافات المختلفة، بل أيضًا التزام الصين بلعب دور أكبر في المنطقة. من خلال دبلوماسيتها الثقافية والفهم العميق للتراث المحلي، تسعى الصين إلى تعزيز دورها في دعم الاستقرار الإقليمي. وهذه الجهود تعتمد إلى حد كبير على شخصيات مثل السفير الصيني لدى السعودية، الذي يمثل نموذجاً للدبلوماسي القادر على توظيف معرفته الثقافية لتعزيز التفاهم والتعاون في منطقة معقدة مثل الشرق الأوسط.
هذا النوع من الدبلوماسية يتجاوز المصالح الاقتصادية والسياسية المباشرة، ليصل إلى بناء جسور التواصل الثقافي، وهو ما يمثل أساسًا لتحقيق سلام واستقرار دائمين في المنطقة. بوليفارد وورلد كان شاهداً على هذه الدبلوماسية الثقافية، حيث جمع بين ثقافات مختلفة في مكان واحد، وأظهر كيف يمكن للفن والتراث أن يسهما في تعزيز العلاقات بين الدول والشعوب.