يلوح في الأفق توجه نحو استفادة الاتحادات الرياضية من اللاعبين غير السعوديين في تمثيل أندية ومنتخبات المملكة، شريطة أن يكونوا من مواليد المملكة أو من المقيمين بها لمدة زمنية لا تقل عن 10 سنوات وفق شروط وضوابط تمهيداً لإجراء دراسة جدوى بهذا الشأن.

وعطفاً على الخبراء الذين استضافتهم "الوطن" للتعرف على انعكاس هذا الأمر على تطور الرياضة والرياضيين في المملكة، يضيء التفاؤل آراءهم في أن منح الفرصة لهؤلاء الشباب سيؤدي إلى إضافة إنجازات جديدة للمملكة في الاستحقاقات الدولية، بيد أن ضعف الإمكانات الموجودة من منشآت رياضية وأكاديميات يحتم التأني.

وفي حال توافر هذه المتطلبات الأساسية وغيرها من بيئة ومناخ مناسبين فإن من الأولى أن تتم الاستفادة ممن نشأ وترعرع على أرض البلد، خصوصاً بعد أن تبين وجود (كشافين) من دول أخرى تستقطب المواهب وترعاها للمشاركة بها في منتخبات الألعاب الفردية والجماعية بسبب ندرة المواهب.

السير على النهج

من جانبه، كشف رئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى الأمير نواف بن محمد لـ"الوطن" أن اتحاد القوى يطبق هذا النظام منذ أكثر من 12 عاماً في منافسات المسابقات المحلية، مؤكداً أنه نجح نجاحاً باهراً فيه، وأن اتحاد القوى أكثر الاتحادات الرياضية السعودية استفادة منه.

ووجه رئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى جميع الاتحادات الرياضية في المملكة إلى الاهتمام بهذا النظام الذي يقوم على الاستفادة من الشباب الذين يعيشون مع إخوانهم السعوديين على أرض واحدة منذ زمن بعيد.

وأضاف الأمير نواف "أرى أن تسعى الاتحاد الرياضية السعودية كافة إلى الاستفادة من هذه المواهب وأصحاب القدرات العالية على أن تتبع النهج نفسه الذي سار عليه الاتحاد السعودي لألعاب القوى."

عناصر فاعلة

من جانبه ترك رئيس اللجنة الفنية في الاتحاد السعودي لألعاب القوى الدكتور حبيب الربعان، القرار للجهات المعنية التي تعرف الأصلح لأبناء الوطن والمقيمين، ولكنه قال "هناك مواليد من المملكة لا يعرفون شيئاً عن أوطانهم وهم ملتصقون بنا منذ ولادتهم، وأرى إمكانية الاستفادة منهم كما هم يستفيدون من خيرات هذه البلاد، ويتمنى هؤلاء الشباب أن يجدوا فرصة المشاركة في المسابقات المحلية والخارجية ونيل شرف تمثيل الأندية والمنتخبات، والواقع أن كثيرا منهم عناصر فاعلة جداً وقادرة على العطاء وتمتلك الولاء، وإذا منحت لهم الفرصة في المشاركة يمكن أن يساهموا في تطور الرياضة، التي أصبحت اليوم جزءا مهما من حضارات الشعوب وواجهة مشرفة بما يحققه الأبطال من إنجازات وبطولات مقرونة برفع راية الوطن في المحافل الدولية وعزف السلام الوطني للدولة."

انعكاس حضاري

بدوره، أكد عضو المكتب التنفيذي في اللجنة الأولمبية السعودية، المحامي الدكتور ماجد قاروب أن هناك توجها لإجراء دراسة صدر من الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل إلى اللجنة الأولمبية ليعمم على الاتحادات الرياضية لبحث الموضوع من الجهة القانونية وأثره الإيجابي على التطور الرياضي والرياضيين في الألعاب الفردية والجماعية. وقال "الآن هناك 27 اتحاداً رياضياً في المملكة مطالبا بإجراء دراسة وتقديمها إلى اللجنة الأولمبية لتقوم بدورها في تحليل وجمع الآراء الواردة إليها للرفع بالتوصيات النهائية للرئاسة العامة لرعاية الشباب، وإذا وجد أن الهدف مجد وله انعكاس إيجابي سيؤدي إلى تطور رياضي فالرئاسة العامة لرعاية الشباب حينذاك ستخاطب الجهات ذات العلاقة."

وأضاف "هؤلاء الشباب هم أقرب للمواطنين نظراً لأنهم ولدوا ونشأوا وترعرعوا في المملكة، وربما تأتي توصيات الاتحادات الرياضية بضرورة إيجاد الحلول اللازمة لتمثيل المملكة في الألعاب الفردية والجماعية، ويسمح بمشاركتهم في المسابقات المحلية."

ويؤكد قاروب "أن الرياضة باتت واجهة حضارية وتساعد الدول في العالم على البروز بما تحققه من إنجازات وبطولات وهي تساهم في رفع الروح المعنوية للرياضيين عندما يرفرف العلم الوطني ويعزف السلام الوطني للدولة في المحافل الخارجية مما يعطي انعكاسا حضاريا للدولة المتوجة بالفوز والنجاح."

ندرة المواهب

ويبين عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد الآسيوي الدكتور حافظ المدلج أنه يوجد في مدن المملكة وخصوصاً مكة المكرمة عدد كبير من مواليد المملكة ليس لديهم فرصة للمشاركة، مشيراً أن تداول هذا الأمر ازداد مؤخراً بسبب أن جيراننا في دول الخليج استفادوا من هذه المواهب التي تتوافر هنا، ومنهم من وجد طريقه للمنتخبات الخليجية في مختلف الألعاب الفردية والجماعية، مضيفاً سبباً آخراً أكثر أهمية وهو ندرة المواهب في المنطقة في الوقت الراهن.

ويقول "الفيفا يظهر مرونة في هذا الجانب حيث يسمح للشخص الذي قضى أكثر من 5 سنوات في دولة ما أن يلعب بشعار منتخبها، ونحن أولى برعاية من عاش معنا عشرات السنين."

توفير الإمكانات

ويرى نائب رئيس لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي لكرة القدم أحمد عيد أنه يجب التأني في هذا الأمر إلى حين توفير البيئة المناسبة والأجواء السليمة والأكاديميات والمنشآت الرياضية والمدربين التربويين الأكفاء وعدم اللجوء إلى ضم رياضيين في وسط فيه الإمكانات محدودة سواء في المدارس أو الأحياء أو الأندية.

وتابع عيد "يمكن الاستفادة منهم، ولكن قبل ذلك لا بد أن نعي كيفية استيعابهم فالظروف الحالية لا تسمح بذلك، واختيار العناصر لا يمكن أن يتم قبل أن يتوافر المناخ المناسب بدءاً من الأسرة والمدرسة والحي والأكاديمية وصولاً إلى الأندية والمنتخبات. لن نتمكن من صنع بطل إلا عندما نهيئ الوضع الصحيح له. وهذه العناصر تتطلب تخصيص برامج معينة لها في بعض الأحيان، فطفل متميز في لعبة الكريكت مثلاً يجب أولاً أن يتكيف مع المجتمع السعودي ويدين بالإسلام ويتحدث اللغة العربية."

قناعة تامة

من جهته، أوضح رئيس القسم الرياضي بصحيفة اليوم عيسى الجوكم أن المسؤولين في المملكة تنبهوا إلى أن غيرهم في دول الخليج العربي استفادوا من كثير من المواهب لشباب من أمهات سعوديات أو غير سعوديات موجودين في المملكة، وذلك بواسطة (كشافين) في الأحياء."

وقال "يتدفق إلى المملكة كثير من الزوار من مختلف أقطار العالم ويستقرون بها وهؤلاء لهم أبناء وأحفاد يتمتعون ببنية جسمانية قوية وطول فارع، الأمر الذي جعل كثيرا من المهتمين بهذا الشأن في بعض دول الخليج مثل قطر والبحرين والإمارات يتنبهون إلى هذه الصفات ويعملون على تبنيها من خلال استراتيجية رعاية المواهب من صغار السن باتفاق مع أولياء أمورهم نظير مكافآت شهرية."

وهذه الاستفادة لم تقف عند حدود لعبة كرة القدم بل تجاوزتها إلى ألعاب أخرى مثل كرة اليد والطائرة والسلة والقوى".

وأضاف "في حال تطبيق هذا النظام وأصبح قراراً، أتوقع أن يعود بالفائدة على جميع المنتخبات السعودية بمختلف الألعاب الرياضية ويستطيع المنافسة بهم في المسابقات العالمية بشكل أكبر من الحالي ويقارع دولا أكثر كثافة سكانية من المملكة."

ويشدد الجوكم بأنه لا يجب أن يبت في هذا الأمر إلا إذا كانت هناك قناعة تامة من المسؤولين بالاستفادة من هذا التوجه وأن هؤلاء الشباب يستحقون تمثيل الرياضة السعودية وليس لأن الآخرين سبقونا إليه واستفادوا منه فقط، وذلك لئلا تكون هناك أي إشكالية في المراحل التالية مستقبلاً."