نجح الأدباء والنقاد المصريون في إخراج رائد التجديد في القصة العربية الكاتب محمد حافظ رجب من عزلته، وذلك من خلال المؤتمر الذي حمل اسمه واختتم أعماله مساء أمس بمختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية احتفالاً بالأديب الكبير بمشاركة محمد حافظ رجب ونخبة من الأدباء الذين قدموا شهاداتهم عن الأديب، ودراساتهم عن أعماله.

شهد المؤتمر إصدار كتاب "محمد حافظ رجب رائد التجديد في القصة العربية"، والذي يضم الشهادات والدراسات التي عُرضت خلال المؤتمر. وصرح المشرف على مختبر السرديات الأديب منير عتيبة؛ بأن المؤتمر جاء انطلاقًا من اهتمام مكتبة الإسكندرية بشكل عام ومختبر السرديات بشكل خاص بالحياة الثقافية والأدبية في الإسكندرية. وقال إن المكتبة حرصت على تكريم حافظ رجب في مؤتمر يعاد فيه اكتشاف هذا المبدع الذي سيظل في حاجة دائمة لإعادة اكتشاف نظرًا لثراء وعمق وتفرد عطائه الإبداعي. وأكد أن مكتبة الإسكندرية استطاعت أن تُخرج محمد حافظ رجب من قوقعته، حيث إنه لا يشارك في اللقاءات الأدبية إلا نادرًا، كما أنه يقدم شهادته عن حياته وأعماله ويتحاور مع الجمهور لأول مرة، تقديرًا منه لمختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية. مشيراً إلى أن اختيار اسم محمد حافظ رجب رائد التجديد في القصة القصيرة العربية لم يكن عبثًا، فهو حالة نادرة من حالات الإبداع العلمي، وهو من القلائل في تاريخ القصة القصيرة العربية الذي أضاف تجديدًا عميقًا ومهمًا لنوعية الإبداع في هذا المجال.

وفي كلمة بعنوان "حكاية حياة امتطاء نعال السباق الجامح"، تحدث الأديب محمد حافظ رجب عن حياته وأعماله وتأثير المحيطين به على مشواره الأدبي. وتحاور جمهور المؤتمر مع الأديب الكبير حول مشواره الأدبي ومحطات حياته المختلفة، وتحدث رجب عن نشأته وبدايته كعامل في محل "على كيفك"، وكصبي مصور، وخادم في فندق، ثم إنشاء الرابطة الثقافية للأدباء، والكتابة في مجلة "القصة" و"الفن"، وتكوين رابطة "كُتاب الطليعة"، ومقابلة مصطفى الخولي ثم يوسف السباعي والعمل في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب. ووصف رجب مقابلته مع يوسف السباعي بأنها "التحطيم الأول لإرادة إنسان أراد أن يكون"، وذلك لأنه عرض عليه العمل كموظف في أرشيف المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بتقييم مادي أقل مما يستحق، لكنه قبل الوظيفة، مشيراً إلى أنه واجه اعتراضات أيضًا من جيل الأدباء والوسط الثقافي في هذا الوقت، الذين حاولوا عرقلة تقدمه لاختلاف أسلوبه في كتابة القصة عن المتعارف عليه في ذلك الوقت، إلا أنه لم يهتم بهم وواصل الكتابة.

وقدم الناقد الدكتور أحمد عبد العظيم محمد دراسة "هوية الاغتراب.. تشظي الذات في المكان.. قراءة في قصص محمد حافظ رجب". وفي دراسة بعنوان "اختراق الوعي.. قراءة في الخطاب السردي لحافظ رجب"، قال الدكتور مصطفى عطية جمعة إن رجب يقدم سردًا مختلفًا في بنيته وطرحه، ويبدو بشكل كبير تأثره بالمذهب السريالي في الفن؛ حيث انهار الجدار الفاصل بين الوعي واللا وعي.

وعن مجموعة "طارق ليل الظلمات"، قال الناقد محمد عطية محمود إن كتابات "محمد حافظ رجب" القصصية تسكن في غمار عالم التجريب والتجديد في كتابة القصة القصيرة العربية المعاصرة.