يعجز القلم عن التعبير، ويعجز اللسان عن البيان إذا كانت الشخصية التي أمامك شخصية عالمية إنسانية خيرية، جمعت بين السياسة والقيادة والحكمة والهيبة والنخوة والتواضع والرحمة، هذه الصفات منحة إلهية وعطية ربانية اجتمعت في شخصية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الذي تلقينا نبأ وفاته، بل تلقاه العالم كله ببالغ الحزن وعميق الأسى.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

لقد وافته المنية، رحمه الله، بعد حياة زاخرة بالعطاء والتضحية والإنجازات المشهودة والمواقف النبيلة.. نذر فيها نفسه لخدمة دينه ومليكه وشعبه ووطنه وأمته العربية والإسلامية.

إن من يطلع على سيرته والمناصب والمسؤوليات التي تقلدها واللجان الإنسانية والخيرية والأمنية التي يترأسها طيلة حياته والتي من أهمها مسؤوليته الكبرى عن أمن حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام، وعنايته بالسنة النبوية المطهرة، ليدرك أنه أمام رجل عظيم سجل أعماله بمداد من ذهب في صفحات التاريخ. لقد كانت أياديه بيضاء من أعمال الخير والبر والإحسان، فكم من دموع لليتامى من أبناء الشهداء وغيرهم كفكفها، وكم من أرامل واساهن، وكم من حالات فقر رسم الابتسامة على أصحابها، وكم من حاجة للمعاقين قضاها.. وهذا ليس بمستغرب على رجل نشأ في كنف والده القائد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، فقد كان لملازمته وإخوانه من الملوك بعد والده أثر كبير في إكسابه الخبرة العملية والحنكة السياسية والمواقف النبيلة خلال مسيرته المباركة.

وإننا إذ نعرب لمقام خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، وللأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي الكريم عن بالغ التعازي وصادق المواساة بهذا المصاب الجلل لنتضرع للمولى عز وجل أن يتغمد الفقيد الراحل بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم الجميع جميل الصبر وحسن العزاء ويجزي فقيدنا عن أمته الإسلامية والعربية خير الجزاء.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.