تحولت محطات سكة حديد الحجاز الواقعة في منطقة تبوك إلى مزار رئيسي لزوار المنطقة، حيث يتأملون من خلالها براعة التصميم والبناء، وخصوصا نفق "البغاز" الذي يشق أحد جبال المنطقة،

ويذكر نائب مدير مكتب الآثار بتبوك رضا الجهني أن فكرة إنشاء خط سكة حديد الحجاز ظهرت سنة 1864م، وذلك عندما تقدم الدكتور الأميركي من أصل ألماني زامبل إلى السلطات العثمانية باقتراح مد خط حديدي يربط بين دمشق وساحل البحر الأحمر، لكن اقتراحه في بداية الأمر قوبل بإهمال، وبعد سنوات قام بإحياء الفكرة من جديد السوري عزت باشا، الذي كان يشغل منصب الأمين الثاني للسلطان عبد الحميد العثماني، وذلك عندما اقترح عام 1900م إنشاء هذا المشروع على السلطان عبد الحميد، الذي تحمس له كثيرا وأصدر مرسوما بإنشاء سكة الحجاز في الأول من محرم عام 1318هـ، ومن ثم قام المهندس التركي مختار بيه بمسح الطريق، ووجد أن من الأنسب هو تتبع خط قوافل الإبل القديمة (طريق الحج الشامي)، مع بعض التعديلات البسيطة.

ويضيف الجهني أنه بعد 8 سنوات من إصدار المرسوم، وصل أول قطار إلى المدينة المنورة قادما من دمشق، وذلك يوم الثاني والعشرين من شهر أغسطس عام 1908م، في رحله استغرقت حوالي 55 ساعة، واستمرت السكة في العمل حتى عام 1916م، حيث تعرضت سكة الحديد للتخريب بسبب الثورة العربية، وسقوط الدولة العثمانية بعد الحرب، ويشير الجهني إلى أن طول خط سكة الحديد يبلغ 1322كلم، منها 707 كلم داخل الأراضي السعودية، وأضاف أن آخر القطارات توقفا في المدينة المنورة كان يوم 13 جمادى الأول عام 1336هـ. وبيّن الجهني أن خط سكة حديد الحجاز داخل المملكة يشتمل على 40 محطة، منها ثلاث محطات رئيسية: وهي محطة تبوك، ومحطة الحجر، ومحطة المدينة المنورة، إضافة إلى عدد من الجسور والعبارات. وتضم هذه المحطات بكاملها حوالي 10 قطارات، و45 عربة للقطارات، بالإضافة إلى أن المحطات تحتوي على 90 مبنى و 26 خزانا و 10 آبار.

وذكر الجهني أن عدد المحطات الموجودة في تبوك 15 محطة أنشئت عام 1906 م، وأشار إلى أن نفق البغاز الذي يقع جنوب تبوك على طريق سكة الحجاز، يعتبر من أقدم وأطول الأنفاق بالجزيرة العربية. وأردف أن النفق يقع بطول كيلومتر تقريبا، وأن خط سير سكة الحجاز روعي فيه محاذاته لعدد من القلاع الأثرية بهدف التزود والمبيت أثناء رحلة الحجاج، بجانب بعض المحطات منها قلعة ذات الحاج، وقلعة تبوك، وقلعة المعظم.

وفي سؤاله عن دور الهيئة في العناية ببعض المحطات التي شهدت بعض الحفريات والتعديات أجاب الجهني "توجد بعض المحطات التي نالها بعض التعديات، ولكن الهيئة حرصت على حماية هذه المحطات بوضع حراسات وتسوير للمحطات بهدف حمايتها والعناية بها"، ويضيف الجهني "إن الهيئة العامة للسياحة والآثار تقوم الآن بدراسة إعادة تفعيل خط سكة الحجاز من الناحية التاريخية والأثرية".