يبدو أن رياضتنا لن تخرج من ثقافة تقديم مصالح الأندية على مصلحة الرياضة السعودية، خصوصاً ونحن نخطط لمرحلة مهمة في تاريخ رياضتنا باعتماد مشروع انتخاب اتحاد الكرة بعد أن نجحنا في انتخاب الجمعية العمومية لاتحاد الكرة، التي ولدت بعملية قيصرية !

أفهم كما يفهم الكثيرون لعبة الانتخابات، وما يحدث فيها من تكتلات، وشراء للأصوات، وما يعتريها من تنافس محموم يؤدي في كثير من الأحيان إلى اختلافات تتطور لتصل إلى خلافات بين المتنافسين، وتلك هي "مهر" أي انتخابات، سواء كانت سياسية، أو بلدية، أو برلمانية، أو حتى رياضية!.

وعلى الرغم من كل ذلك، فإنني أتمنى أن تسود المحبة والأخلاق التي توارثناها كل تعاملاتنا لا سيما فيما يختص بالانتخابات الحالية لرئاسة اتحاد كرة القدم، طالما أننا نسعى جميعنا لاختيار الأكفأ والأنسب لهذا المنصب الحساس والهام.

ذلك أن منصب رئيس اتحاد كرة القدم يتطلب عملاً ومهاما لا يقدر عليها إلا من عاش دهاليز الرياضة، واكتوى بنارها، وتعرّف على أسرارها ولوائحها وأنظمتها، وحفظها إدارياً ومالياً، وتلك بعض من شروط هذا المنصب لمن يريد أن يكون رئيساً لاتحاد كرة القدم!.

إننا أمام حدث هام لاختيار رئيس لأول اتحاد كرة منتخب في بلادنا، وهذا يتطلب من الجمعية العمومية التي ستكون صاحبة "قرار" انتخاب الرئيس القادم، أن يكون أعضاؤها في مستوى الحدث، لأن التاريخ سيكتب من هذه اللحظة أسماءهم وعليهم أن يكونوا مؤتمنين على مستقبل الكرة السعودية.

لن أستبق الأحداث، ولن أدخل في قراءة تقارير يتم تسريبها كل يوم عن معركة انتخابية "غير شريفة" تنتظرها الساحة الرياضية، أوـ هكذا يبدو المشهد ـ، مع قناعتي بأن ترشح نائب رئيس ناديي الشباب والهلال في فترتين مختلفتين، خالد المعمر لرئاسة اتحاد الكرة "حق مشروع"!.

لكن الذي لا أفهمه، ما الذي جعل "المعمر" يتقدم بملف ترشيحه لهذا المنصب في هذا الوقت، وهل لديه ضمانات بـ " الفوز " ليترك منصبه كنائب لرئيس الشباب، وهل هناك علاقة بين ترشحه وانتمائه لناديين لهما وزنهما في الكرة السعودية هما الهلال والشباب؟

أسئلة قد لا تحتاج إلى إجابة، غير أنها لا تخلو من إيحاءات، في الوقت الذي لا يحظى المرشح الآخر ـ الرئيس الحالي للاتحاد المؤقت ـ، أحمد عيد، بدعم " لوجستي" كما يحظى به منافسه، وهنا تبدو الكفتين غير متساويتين.

من الواضح، أنه مع دخول المعمر سباق الرئاسة، يبدو أن الصورة السابقة قد تغيرت، ولم يعد متوفراً لرئيس الاتحاد المؤقت، ما كان يحظى به في المرحلة الأولى التي سبقت ترشح المعمّر، من دعم من الرئيس العام، كما يتردد في الشارع الرياضي.

ومهما حدث، وأياً كانت هوية الرئيس المقبل لاتحاد الكرة، فإن ما يقوم به الرئيس الحالي أحمد عيد، أعطانا انطباعاً جيداً عن الإدارة، من خلال حرصه على تأسيس ثقافة توزيع الصلاحيات، وتأسيس روح التنافس الرياضي، ومنح كامل الثقة في اللجان العاملة في الاتحاد، والنظر بعين واحدة لكافة الأندية، دون تفضيل ناد على آخر، أو الميل مع ناد ضد آخر.

وإذا ما سار الرئيس المقبل على هذا النهج، فهذا ما تحتاجه كرة القدم السعودية، مع أهمية أن يكون الاتحاد القادم أقوى من الأندية، حتى لا نجد في وقت من الأوقات، أن اتحاد الكرة تحوّل إلى صوت لأندية معينة على حساب أخرى.

* لافتة:

سُئل أحد الحكماء: ممن تعلمت الحكمة؟، قال: من الرجل الضرير!، لأنه لا يضع قدمه على الأرض إلاّ بعد أن يختبر الطريق بعصاه!.