لا أخفيكم سرا بأني من أشد المعجبين بالشعارات الرنانة التي تطلقها الخطوط الجوية السعودية في كل رحلاتها الداخلية والدولية، والتي تبدأ قصتها مع بداية اللحظة التي تنوي فيها السفر على متن "السعودية" وبالتحديد بدءا من لحظة اتصالك بهاتفهم الذي لا يتوقف عن ترديد عبارة "شكرا لانتظارك.. انتظاركم محل تقديرنا"، ومرورا بلحظة الإقلاع والهبوط التي تستمتع فيها بعبارة "شكرا لاختياركم السعودية"، وحتى وأنت متكئ على الوسادة المطوحة على المقعد التي تقرأ فيها المجلة ذات المسمى الجميل "أهلا وسهلاً" وفي نهايتها الشعار الأجمل "نعتز بخدمتكم". لا يشك المتأمل لهذه الكلمات لأول وهلة بأن هذه الخطوط تحتل مكانة عالمية مميزة.. نعم، ولو كان هناك تصنيف عالمي للشعارات الرنانة لحصلت الخطوط السعودية على المركز الأول بلا منازع!

شركات الطيران العالمية في واقعها لا تقيم وزنا لهذه الشعارات الواهية، وتقارير المنافسة العالمية التي تنشرها منظمة الطيران المدني الدولي تضع ضمن شروطها التنافسية من حيث مستوى الأداء ومنهجية العمل ما يتطابق مع حماية حقوق المسافرين، والتطوير المستمر للخطوط الجوية، وتقديم أفضل سبل الراحة والأمان في السفر، من لحظة الإقلاع في الوقت المحدد، وتوفير مقاعد مريحة، وكبائن نظيفة، ومأكولات ومشروبات، وأنظمة الترفيه للكبار والأطفال على متن الطائرة، وخدمة المضيفين المستمرة وقت الرحلة، بالإضافة إلى الخدمة المتكاملة للمسافر حتى خروجه من المطار.

التقرير الأخير الذي أصدرته شركة "سكاي تراكس" جاء على النحو التالي: احتلت الخطوط الكورية المركز الأول عالمياً، ثم يليها الخطوط السنغافورية في المركز الثاني، والخطوط القطرية في المركز الثالث عالميا والأولى عربياً، وطيران الاتحاد الثاني عربياً، وطيران الإمارات المرتبة الثالث عربياً، واحتلت الخطوط السعودية المرتبة 87 في العالم متقدمة بمرتبتين عن العام الماضي، حين احتلت المرتبة الـ89! ومما يؤسى له أنه قبل أيام جاءت النتيجة فضائحية حينما أعلنت منظمة سلامة الطيران الأوروبية وقف تجديد رخصة الصيانة للخطوط السعودية; نتيجة مخالفات عديدة أبدتها المنظمة فيما يتعلق بالسلامة. الخطورة في هذا الإيقاف مفاده نزع ثقة دول الاتحاد الأوروبي من الخطوط السعودية، الأمر الذي يعطي انطباعا سلبيا يضر بسمعة البلد ذات الموقع الاستراتيجي والتي تؤوي الملايين من الجنسيات المختلفة، ولطالما تحدث الكثير من الكتاب والإعلاميين حول هذا المرفق، ولكنه لم يطرأ أي جديد؛ لأنه - كما يبدو - "لا حياة لمن تنادي".

في الحقيقة لم يكن مستغربا هذا من دول الاتحاد الأوروبي، فالمسافر في مطارات أوروبا الرئيسية يرى لوحة كبيرة كُتبت عليها "الحقوق الرئيسية للمسافر جواً"، حيث أصدر الاتحاد الأوروبي عدداً من التشريعات التي تهدف إلى حفظ حقوق المسافرين، وتسهيل إجراءات حل الخلافات، وإلزام شركات الطيران بتقديم المساعدة السريعة للمسافرين الذين تتأخر رحلاتهم أو تُلغى بصرف النظر عن الأسباب، سواء كانت بسبب الشركة أو خارجة عن نطاق مسؤوليتها، وتشمل هذه المساعدة توفير رحلات بديلة، وتوفير الوجبات المجانية، وتوفير وسائل الاتصال الهاتفي مجاناً، وذلك بالإضافة إلى توفير السكن في حالة زاد التأخير عن خمس ساعات، وفي حال عدم توفر مقعد لمسافر لديه حجز مؤكد، تُلزم الشركة بتقديم رحلة بديلة مجانية بالإضافة إلى تعويض مادي يتراوح بين 250 و600 يورو (1500- 3600 ريال) حسب طول الرحلة.

إنني أعتقد أننا بأمس الحاجة إلى وجود جمعية خاصة ومستقلة لحماية حقوق المسافرين وفصلها عن جمعية حماية المستهلك، من شأنها حماية المسافرين وتوعيتهم بحقوقهم.