كشفت مؤسسة النقد العربي السعودي أن أنظمة الرهن العقاري، التي تم إقرارها أخيراً وينتظر صدور لائحتها التنفيذية بشكل نهائي خلال أسابيع، ستتضمن زيادة قيمة الرافعة المالية، التي تعني قيمة الرهن عند شراء المسكن، وزيادة الدفعة الأولى عند شراء العقار، وذلك لتجنب مشاكل الرهن العقاري، بعد أن قامت بدراسة مستفيضة لأسواق العالم لمعرفة أسباب أزمة الرهن العقاري وتجنبها.

وأكد مدير عام مراقبة شركات التمويل في مؤسسة النقد محمد الشايع، خلال ندوة التمويل والرهن العقاري (الفرص التحديات التوقعات)، التي نظمتها كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة القصيم أول من أمس بمقر المدينة الجامعية بحضور مدير الجامعة الدكتور خالد الحمودي؛ بمشاركة خبراء ومتخصصين في هذا المجال، أن المؤسسة قامت بدراسة لأسواق العالم وتقصي الأسباب الرئيسية لأزمة الرهن العقاري، في خطوة تهدف من خلالها إلى تجنب مشاكل أنظمة الرهن العقاري عند تطبيقه في المملكة.

وأشار الشايع إلى إقرار هيئة المقيمين المعتمدين لتقييم العقار، وتوجه لعمل مؤشرات لأسعار العقار تعتبر مؤشرا مرجعيا مثلها مثل مؤشر الأسهم المالية، مشيراً إلى أن مثل هذه الاحتياطات ستساعد على تجنب الوقوع في أزمة رهن عقاري في المستقبل.

وتناولت الندوة محاور عدة حول السوق العقاري في المملكة، إذ أكد الرئيس التنفيذي للشركة العقارية السعودية الدكتور فهد السعيد وجود عدة فجوات في منظومة السوق العقارية في المملكة، يقابلها عمل جاد على ردم تلك الفجوات، مشيراً إلى أن من أبرز تلك الفجوات فجوة بين قلة العرض وكثرة الطلب، وفجوة في ارتفاع أسعار المعروض وضعف قدرة المواطنين، وفجوة في عدم وضوح أو قدرة أو تأخر سن الأنظمة ذات العلاقة، إضافة إلى قدرات المستفيدين من شركات التطوير العقاري، مضيفاً أن احتياج المساكن في المملكة سيصل إلى معدل منزل لكل دقيقة.

من جانبه، قال المستشار الاقتصادي فادي بن عبدالله العجاجي أن مشكلة تملك السعوديين لمساكنهم ليست في قلة مصادر التمويل بقدر ما هي ناشئة عن التفاوت الكبير بين تكاليف بناء المنزل والمستوى العام للدخل الفردي، مشيراً إلى أن شريحة عريضة من الطبقة المتوسطة ملتزمة بقروض استهلاكية، ومعظم الأفراد يحتاجون إلى سنتين على الأقل ليكونوا مؤهلين مالياً للحصول على قروض عقارية طويلة الأجل.

وأكد العجاجي أن حجم القروض الاستهلاكية وقروض بطاقات الائتمان بلغ 285 مليار ريال في نهاية النصف الأول من عام 2012، متجاوزا الدين العام بحوالي 57 مليارا، لافتاً إلى أن تأثير المنظومة المالية على السوق العقارية خلال السنتين القادمتين سيكون محدوداً، وإذا حدثت تغيرات كبيرة فسيكون المحرك الرئيس لها هو نشاط عمليات المضاربة وليست العوامل الاقتصادية الطبيعية.

وأوضح عجاجي أن عمليات المضاربة ستفشل في الحفاظ على تماسك الأسعار لفترة طويلة؛ حيث يجب التسليم بأن دخول الـ500 ألف وحدة سكنية التي أمر بإنشائها خادم الحرمين الشريفين سيؤثر على الأسعار والإيجار، شاء المضاربون أم أبوا، مضيفاً: "فبمجرد تسليم الـ 500 ألف وحدة سكنية للأسر المستأجرة، سيرتفع حجم المعروض من الوحدات".

وذكر العجاجي أنه بالرغم من أن المنظومة المالية تسمح للبنوك وشركات التمويل بتملك العقار، إلا أن تأثير ذلك سيكون محدوداً لأن تملكها للعقارات لغرض التمويل وليس المتجارة، فالعقارات ستخرج من دائرة المضاربة وستنتقل مباشرة من ملكية البنوك وشركات التمويل العقاري إلى المستفيد النهائي.

أما عميد كلية الاقتصاد والإدارة الدكتور عبيد المطيري، فقال إن الندوة تأتي لخدمة المجتمع وقطاع الأعمال وللتوعية وزياد فهم آليات السوق العقارية من منظور المقترضين والمقرضين، بما في ذلك الجوانب المؤسسية المهمة، مشيراً إلا دور الكلية في خدمة قضايا التنمية.

كما أوضح المتحدث الرئيسي في الندوة عضو مجلس الشورى سابقاً الدكتور فلاح السبيعي في كلمته أن مؤسسة النقد تقوم بإعداد اللائحة التنفيذية لأنظمة التمويل والرهن العقاري، مشيرا إلى أن اللائحة التنفيذية لنظام التمويل العقاري تتضمن تنظيم نشاط التمويل العقاري والمطورين العقاريين، والسماح للبنوك بمزاولة التمويل العقاري بتملك المساكن، وتنظيم برامج الدعم الحكومي وآلية التعامل مع تسديد الاقصاد وتسجيل عقود الإيجار التمويلي، وكذلك ضبط ومراجعة الأسعار.

وتحدث في الندوة أستاذ الاقتصاد الإسلامي في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة القصيم الدكتور راشد العليوي حول فكرة الرهن العقاري ونظام الإيجار التمويلي وعلاقة هذه الأنظمة بالشريعة الإسلامية، مبيناً أن الضوابط الشرعية في هذا الجانب ليست قيودا بذاتها وإنما هي لمصلحة الجميع حتى يتم تجنب الوقوع في مشاكل الرهن العقاري.

أما الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية الدكتور طلعت حافظ، فشدد على أهمية التوعية حول أنظمة الرهن العقاري حتى يستوعبها المجتمع، وأبدى شكره لكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة القصيم على تبنيهم لهذه الندوة، وأيضا مؤسسة النقد على مشاركتها الفاعلة في هذه الندوة التي تعتبر من أهم وسائل التوعية للمجتمع؛ كون الندوة جمعت رجال الأعمال والأكاديميين والطلاب والمهتمين من المواطنين لموضوع الرهن العقاري.

إلى ذلك، تطرق الدكتور فهد السعيد الرئيس التنفيذي للشركة العقارية السعودية إلى أهمية هذه الندوة، وأنها بوابة لمقترحات ودراسات مستفيضة فيما يخص الرهن العقاري، مقترحاً أن تقوم مؤسسة النقد العربي السعودي بتمويل كرسي خاص بالرهن العقاري تنفذه كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة القصيم لأهمية الموضوع.

كما أشار الرئيس التنفيذي للشركة السعودية لتمويل المساكن عبدالإله آل الشيخ في كلمته إلى أن المطورين العقاريين الحاليين لا يزالون محدودين، مشيراً إلى أن السوق العقاري يفتقر إلى التنظيم ولا يوجد مطورين عقاريين محدودي الاستثمارات.

ولفت آل الشيخ إلى التحديات التي تواجه السوق العقاري ومنها ارتفاع تكلفة الأراضي التي تشكل 60% من تكلفة المنزل، وإكناز الأراضي وعدم مواكبة الطلب للعرض، إضافة إلى قلة عدد شركات التطوير العقاري وعدم تفضيل البنوك سابقاً للدخول في التطوير العقاري، مشيراً إلى أن تطبيق نظام الرهن جعل البنوك أكثر تحفزا.

وقدم آل الشيخ توصيات لأزمة الإسكان من أبرزها تمكين وزارة الإسكان لتكون منظمة للتطوير العقاري، وعمل بيئة آمنة للتمويل من خلال تطبيق الرهن العقاري والعمل على تخفيض أسعار الأراضي والدعم الحكومي المباشر وتوفير مواد لتخفيض التكلفة.