دأبت اللجنة السعودية للرقابة على المنشطات منذ تأسيسها 2004، على تثقيف الشارع الرياضي بخطورة استخدام المنشطات لممارسي الرياضة والمسجلين رسميا في الأندية في مختلف الألعاب والدرجات، ولعل أعمال اللجنة وتعاملاتها مع كافة اللاعبين تخفى على كثير من المتابعين، بيد أنها تسعى جاهدة لإيصال رسالتها بشكل كامل لحماية الرياضيين من خطر المنشطات التي قد تؤدي لا سمح الله إلى الوفاة، بجانب ضمان منافسة شريفة بين الرياضيين.


برنامج وطني

تم تشكيل لجنة وطنية متخصصة تعنى بجميع الأمور المتعلقة بالمنشطات محليا وإقليميا وقاريا ودوليا تقوم بالإعداد والإشراف على تنفيذ البرنامج الوطني للرقابة على المنشطات في المملكة تحت مسمى "اللجنة السعودية للرقابة على المنشطات"، وبدورها وافقت لجنة لرقابة على المنشطات، على إقرار وتطبيق اللائحة الدولية لمكافحة المنشطات بالتوافق مع مسؤولياتها ضمن مواد تلك اللائحة، مع استمرار تعزيز جهودها من أجل القضاء على المنشطات في السعودية.

ومنذ تأسيس اللجنة، بلغ عدد الرياضيين الموقوفين 64 رياضيا في مختلف الألعاب، كان أغلبهم من ممارسي رياضة رفع الأثقال، بإجمالي بلغ "12" حالة إيقاف، بعد وقوع اللاعبين في مواد محظورة عن قصد بهدف تكون العضلات، ووقوع آخرين دون قصد في استخدام مواد غير مصرح بها.

ويلي رفع الأثقال وبناء الأجسام من حيث الوقوع في المحظور رياضيا، كرة القدم وألعاب القوى بـ"8" حالات ومن ثم رياضة بناء الأجسام بـ"7" حالات، كما شملت الإيقافات أيضا لاعبي رياضات جماعية مثل كرة السلة والطائرة واليد إضافة للعديد من الألعاب الفردية.

ويوضح عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم، الأخصائي النفسي الرياضي صلاح السقا أن للمنشطات آثاراً جانبية بدنية ونفسية كما لها جوانب وأسباب اجتماعية أو نفسية وأخرى لها علاقة بالناحية البدنية.

ويقول لـ "الوطن": "معظم اللاعبين الذين يتعاطون منشطات يهدفون إلى رفع الكفاءة البدنية من أجل التفوق على نفسه وعلى زملائه في أغلب الأوقات، وهي تقوم على مبدأ عدم العدالة بين الجميع، وبالتالي فإن اللجوء إلى مادة غير طبيعية ينفي هذا المبدأ".

ويضيف: "يهدف اللاعب الذي يأخذ منشطات إلى الوصول، عبر أساليب غير بدنية فسيولوجية، إلى الكمال في الأداء والتفوق على ذاته والمحافظة على مستواه الفني واللياقي بطريقة غير مشروعة خصوصاً لو كان مصاباً".

وعن إمكانية عودة اللاعب بعد انقضاء فترة العقوبة، قال: "على مستوى العالم، هناك لاعبون وقعوا في الكشف ووجد أن العينات إيجابية، وكثير منهم عادوا للملاعب بصورة أفضل من ذي قبل، وهذا يعتمد على اللاعب نفسه وكيفية استثماره لفترة التوقف عن اللعب التي تصل إلى عامين. فإذا استمر في التدريبات سيعود، وهنا البعض يركز عليها ليثبت للجماهير أنه ارتكب خطأ ولن يتكرر ويستطيع إثبات ذاته من جديد. أما إذا أهمل هذا الجانب، فإنه سيفقد حساسيته نحو الكرة، لذا الأمر يرجع إلى طريقة تعاطي الرياضي مع الإيقاف".

ويتطرق السقا إلى دور المجتمع بقوله: "الأقران يؤدون دوراً رئيساً في وقوع الرياضي في كارثة المنشطات، وهم أيضا السبب الرئيس في انتشاله منها، حيث يمثلون عاملا مؤثرا عليه سلبا أو إيجابا".


استشارة الطبيب

ويحمل عضو لجنة الاحتراف في الاتحاد السعودي لكرة القدم علي الأحمدي، مسؤولية انتشار المنشطات بين اللاعبين في الفترة الأخيرة، لكل من اللاعب والنادي والأسرة والمجتمع. ويقول "في أوروبا لا يتناول اللاعب أي عصائر أو مشروبات أو أدوية إلا بعد استشارة الطبيب، وكذلك يتبع نظاما غذائيا صحيا تحت إشرافه، بينما في الأندية السعودية لا يوجد اهتمام بوجود أطباء إنما أخصائيين فقط، واللاعب عندما يشعر بالمرض يتجه إلى أقرب صيدلية دون الرجوع للطبيب".

ويضيف: "نحن في اللجنة نصحنا الأندية بأهمية عقد ورش عمل ووضع دوام يومي لمدة 8 ساعات لأن الفترة التي يقضيها اللاعب حاليا قصيرة ولا تتجاوز ساعتين في اليوم، وهذا يعني أن اللاعب يمضي 22 ساعة وحده يتناول خلالها ما يشاء ويسهر كما يشاء، وبالتالي يفقد كثيرا من طاقته البدنية ومن ثم يلجأ الى مشروبات الطاقة والقوة ومنشطات أخرى تعطي نتيجة إيجابية في التحليل".


أبوتا أول الضحايا

وكان إيقاف 8 من لاعبي كرة القدم، اهتمام الشارع الرياضي لشعبية اللعبة الجارفة محليا، وكان السنغالي المحترف سابقا في صفوف الرائد، سيدينو أبوتا، أول لاعب تسجل ضده حالة منشطات وتم إيقافه لمدة عام واحد بداية من 25 يناير 2010 لتناوله مادة محظورة.

وسجلت ثاني حالة ضد لاعب الوحدة السابق علاء الكويكبي بتاريخ 24 فبراير من العام ذاته وتم إيقافه لمدة عام لاستخدامه مادة محظورة، وفي نفس التاريخ تم إيقاف لاعب الرائد ماجد المولد لمدة عامين بتهمة "الإعانة" بعد أن تم توجيه الاتهام له من قبل السنغالي أبوتا بتزويده بالمنشطات.

وطال الإيقاف لاعب الهلال السابق فيصل الجمعان، ولمدة عامين بدأت بتاريخ 22 نوفمبر 2010 لاستخدامه مادة محظورة وذلك قبل أن يعود لممارسة اللعب مجددا من خلال فريق الفتح في الفترة الحالية.

ولحق الإيقاف أيضا بلاعب الخليج بندر آل زيد ولاعب الوطني ماجد حديدي لمدة عامين لاستخدامهما مواد محظورة. كما تم إيقاف لاعب خط وسط فريق النصر أحمد عباس لمدة عامين اعتبارا من نوفمبر الماضي لاستخدامه مواد محظورة.

وسجل حارس مرمى فريق الهلال، خالد شراحيلي آخر الحالات وسط لاعبي كرة القدم، حيث أقرت اللجنة التأديبية السعودية لقضايا المنشطات باللجنة الأولمبية عقوبات بحقه لوجود انتهاك مسجل لأنظمة مكافحة المنشطات عقب اكتشاف مواد محظورة رياضياً في عينته استنادا إلى النتائج الواردة من المختبر الدولي المعتمد بسويسرا، وتقرر إيقافه عن المشاركة في المنافسات الداخلية والخارجية لمدة سنتين اعتباراً من 13 /1 /2013.


أهداف ومهام اللجنة

يتمثل الهدف الرئيسي للجنة في الحفاظ على الرياضة السعودية كميدان للتألق والوصول للعالمية خالية من آفة استخدام المواد المنشطة التي تقوض القيم الأصيلة للرياضة وذلك من خلال وضع السياسات العامة المتعلقة بالمنشطات وتنفيذها والإشراف عليها بعد اعتمادها من الجهات المسؤولة، وتشجيع الاتحادات الرياضية السعودية على تنفيذ برامج الرقابة على المنشطات ضمن أنشطتها، والإشراف والمتابعة لأعمال وأنشطة الرقابة على المنشطات في الهيئات والاتحادات الرياضية السعودية، وتجهيز وإعداد محطات نموذجية للرقابة على المنشطات في المنشآت الرياضية بالمملكة والإشراف عليها، وأيضا توثيق التعاون مع الهيئات والجهات المحلية ذات العلاقة خارج إطار الحركة الرياضية والمشاركة في دراسة القضايا المتعلقة بالمنشطات مع الجهات الرسمية، وتوثيق التعاون مع الهيئات المماثلة في دول الخليج والوطن العربي وباقي دول العالم والوكالات الدولية بجانب تشجيع إجراء الفحص المتبادل بين أي من منظمات مكافحة المنشطات الوطنية، وخصوصا بين دول الخليج المنضمة إلى المنظمة الإقليمية (RADO). ومن مهامها أيضا الامتناع عن دفع التمويل أو جزء منه للاعب أو الطاقم المساند له خلال فترة عدم الأهلية الناتج عن انتهاك أنظمة مكافحة المنشطات، ومتابعة جميع قضايا انتهاكات أنظمة مكافحة المنشطات المحتملة والتي تعد ضمن سلطتها بما فيها التحقيق في احتمال تورط أحد أفراد الطاقم المساند للاعب أو أي شخص آخر بقضية تعاطي المنشطات، ومتابعة تطبيق اللائحة الدولية الصادرة عن الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (WADA) والاتفاقية الدولية الصادرة عن منظمة اليونسكو داخل المملكة وتشجيع البحث العلمي والدراسات في مجال مكافحة المنشطات بالمملكة.


أضرار المنشطات

تسبب المنشطات آثارا جانبية ضارة كإحداثها اضطرابا في توازن أملاح الجسم وأمراض الكلي وأورام البروستاتا والعجز الجنسي والوفاة بالذبحة القلبية والخلل الهرموني، والإرهاق العضلي، وظهور أعراض الحساسية تجاه بعض أنواع الأدوية، والأرق، وزيادة السلوك العدواني، وقد تحدث نوبات إغماء متقطعة لدى متعاطي الإمفيتامين.

وسجلت أول حالة وفاة لرياضي تناول منشطات عام 1886 للاعب الدراجات البريطاني لينتون في سباق دراجات بين مدينتي باريس وبوردو الفرنسيتين وذلك بعد تعاطيه كميات كبيرة من الكافيين، وكذلك وفاة لاعب الدراجات الدنمركي كينت يونسون خلال منافسات الدورة الأولمبية في روما عام 1960 نتيجة تعاطيه جرعة زائدة من مزيج الإمفيتامين وحمض النيكوتنيك، وفي نفس الدورة توفي لاعب القوى ديك هاوارد بعد تناول جرعة عالية من الهيروين.


أسباب منعها

يعتبر استخدام المواد المحظورة متعارضا مع الأخلاق الرياضية وروح المنافسة الشريفة ويخل بمبدأ تكافؤ فرص المنافسة، فضلا عن تعارضها مع جميع الأديان السماوية وكونها تدخل في باب الغش والتدليس دون إغفال خطورة أثرها على صحة الرياضي بشكل عام، كما يعتبر تعاطي تلك المواد غير أخلاقي في المنافسات الرياضية في كافة اتحادات الألعاب الرياضية، وخصوصا في منافسات اللجنة الأولمبية الدولية.

للمنشطات أنواع عديدة، فمنها المواد الصيدلانية الصناعية مثل: منبهات الجهاز العصبي المركزي، المواد البنائية أو الابتنائية، الهرمونات والمواد المشتقة منها، محفزات مستقبلات البيتا 2، المخدرات، الأدوية المدرة للبول والمواد الحاجبة، وهناك ما يطلق عليه بالوسائل المحظورة التي تتم من خلال نقل الدم أو تعزيز نقل الأوكسجين أو المعالجة الكيميائية والفيزيائية.


استخدام علاجي

في حالات طبية محددة يمكن للرياضي استخدام بعض أنواع الأدوية التي يتم تصنيفها مواد محظورة وذلك ضمن جرعات محددة ولمدة محددة أيضا، وذلك بعد الحصول على موافقة خطية من قبل لجنة الاستثناء الرياضي، ويتوجب على اللاعبين فور معرفتهم بالحاجة لاستخدام عنصر أو طريقة محظورة تقديم طلب الحصول على الاستثناء للاستخدام العلاجي TUE من اللجنة السعودية للرقابة على المنشطات أو من الاتحاد الدولي للعبة، كما يتوجب عليهم الحصول على هذا الاستثناء قبل مشاركتهم في أي منافسة، ويستثنى من ذلك الحالات الإسعافية.