استبشر عدد كبير من أبناء المواطنات بالقرارات الأخيرة التي تؤكد على أن يعامل هؤلاء الأبناء معاملة السعودي على حد سواء، إذ أعفت المديرية العامة للجوازات أبناء السعوديات المتزوجات من أجانب من رسوم التأشيرات واحتسابهم ضمن نطاق السعودة في العمل بالقطاع الخاص دون استثناء، وأيضا في العلاج.

وكذلك القرارات الخاصة التي تنص على منح أولاد المواطنة السعودية المقيمين في السعودية الإقامة على كفالة والدتهم.

نعم، كل هذا أمر طيب ومُقدر وخصوصا أن القرارات تكرس مفهوم الأمان الأسري، وتحقق الاستقرار لعدد لا يستهان به من الأسر ففي آخر إحصائية معلنة من وزارة العدل، يصل عدد الزيجات السعودية من أجانب إلى 750 ألف أسرة ولكن السؤال: لماذا الشكاوى ما زالت مستمرة بين هؤلاء الأبناء في الصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي عن صعوبات تواجههم على أرض الواقع؟

هؤلاء الأبناء الأعزاء الذين ولدوا في هذه الأرض المعطاءة، نشأوا عليها وتربوا فيها وتعلموا في مدارسها وتشربوا الموروث الثقافي والولاء والانتماء عبر أمهم المواطنة، أوفياء لوطنهم، مخلصون له، متفانون في خدمته، لا يعرفون وطناً سواه، ومع هذا يتم التعامل معم بالطريقة ذاتها التي يتم التعامل بها مع العمالة المقيمة التي لا تعرف شيئًا عن المملكة، وخضوعهم لنظام واحد لا يُفرِّق بين زوج مواطنة غير سعودي، وأولادها منه، وبين عامل أجنبي، دخل للتو إلى أراضي المملكة، فجميعهم أجانب في نظر النظام، ومُطالبون بكفيل يكفلهم، وإن حدث خلاف بين أحدهم وكفيله، يُرحّله إلى بلده التي لا يعرفها، ولا يعرف أحدا فيها، فيُرحّل الابن أو الزوج، دون اعتبار لهذه المواطِنة الأم والزوجة. فمثلا: وجدت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في أحد مراكز الترحيل أبناء مواطنات سعوديات، مع أن القرار يمنح المواطنة السعودية حق كفالة زوجها وأولادها وهذا بالطبع يمنع من ترحيلهم ما دامت أمهم على قيد الحياة!

نعم.. مما يحز في النفس أكثر أنه إذا توفت الأم فسيخضعون لكفيل لا فرق بينهم والعمالة المقيمة، وهذا ما حدث، فمع الحملات الأمنية ضد العمالة السائبة تاه هؤلاء ووضعوا في الترحيل لا يفرق بينهم والعمالة.

ومن ناحية أخرى تأتي معاناة هؤلاء الأبناء أن الجوازات ما زالت لا تعمل بالقرار الصادر عن إعفاء أبناء السعوديات من دفع الرسوم بل تتقاضى رسوم نقل الكفالة.

من الأهمية بمكان تفعيل القرار الصادر وخصوصا أن الرسوم باهظة الثمن.

وثمة نقطة أخرى تستوجب الاهتمام ـ فيما يرتبط بالتناقض في صياغة المفردات ـ فهناك بطاقة تُسلم لأبناء المواطنة مكتوب عليها "يُعامل معاملة السعوديين في التعليم والعمل" وبالمقابل تجد في بعض الإقامات الخاصة بأزواج السعوديات وأولادهن غير السعوديين عندما يتم نقل كفالة بعضهم إلى زوجاتهم وأمهاتهم السعوديات وقد كُتب فيها "غير مصرّح له بالعمل". ما هذه المفارقة؟! ولا أدري كيف يستطيع هؤلاء العيش إن لم يعملوا؟

إن قضية معاناة أبناء السعوديات ما زالت موجعة ومؤرقة وبحاجة إلى جهود أكبر من الجهات المناط بها الإجراء لتفعيل القانون على أرض الواقع بالصورة التي نتمناها لأبنائنا الأعزاء.