التجربة السعودية في صناعة الأفلام يمكن وصفها حتى اليوم بـ"البائسة" والمتعثرة. صحيح أنها تجربة وليدة والأفلام يمكن حصرها في أصابع اليد، لكنها كبداية توحي بأن صناعة السينما محليا تحتاج إلى سنوات ضوئية حتى تنجح وتعرف طريقها. قد يكون لغياب دور السينما دور جوهري في تواضع هذه الصناعة، خصوصا أن المنتج يضع في اعتباره عدم جدوى المغامرة مع انعدام المداخيل، لكن المادة ليست دائما هي الحل، فالسينما الإيرانية مثلا قطعت شوطا كبيرا عالميا واستطاعت إثبات وجودها في المحافل دون دعم مالي كبير. هناك محاولات جادة لإيجاد صناعة سينمائية جيدة عبر الأفلام القصيرة، لكن هذا النوع من الأفلام يبقى رهن تجارب الهواة، وهو ما لا تستطيع أن تقدمه كعمل سينمائي محترف ينقلك إلى مراحل أخرى أكثر أهمية، ولعل ما تقدمه المخرجة هيفاء المنصور يكاد يكون الأقرب للأنموذج المطلوب، ومع ذلك تبقى تجربتها خارج الدائرة المحلية، أي أنها لم تحظ بالاهتمام الكافي بما يجعلها حديث المتلقي، كما حصل مع فيلمي "مناحي" و"كيف الحال". ويبدو أن مشكلتنا الحقيقية مع السينما تكمن في الوعي بأهميتها كجزء مهم من تشكيل الثقافة وتوجيه النشء، فتأثير الأفلام أكبر بكثير من تأثير أي وسيلة إعلامية أخرى، وهو ما تيقنت منه كبرى الدول ووظفت له طاقاتها واستثماراتها واستطاعت أن توجه شعوب العالم إلى أهدافها وتمرر ما تشاء من رسائل.

ما جعلني أثير هذا الموضوع، مطالبة جديدة في تويتر حملت هاشتاق نبي_سينما يحاول من خلالها الشباب إعادة النظر في مسألة منع فتح دور السينما، وهو حق من حقوقهم الثقافية والإنسانية، وبغض النظر عن التجربة السينمائية المحلية، من الصعب تصور مجتمع يعيش كل هذه الثورة الإعلامية بكل تفاصيلها وهو لا يعرف طريق شباك التذاكر، أمر مؤسف جدا.