منذ عدة أيام في نيويورك، سألني صحفي أميركي صديق حول التطرف في الإسلام وعن بعض المقاتلين المتطرفين الذين أصبحوا مشهورين كإرهابيين عالميين. وبشكل أكثر دقة، أراد أن يعرف ما الذي يجعل مجموعة من الناس في العالم الإسلامي يرفعون السلاح ضد بعضهم مع أنهم جميعهم مسلمون.

كنا نتحدث عن أفغانستان وباكستان، وعن العراق المضطرب، حيث خسر حوالي 2500 شخص حياتهم خلال الأشهر الأربعة الماضية في موجة من العنف الطائفي الديني والصراع على السلطة. كنا نتحدث عن الفتيات الصغيرات اللاتي قتلن بوحشية في باكستان وهن في طريقهن إلى المدرسة، والأم وأطفالها الذين قتلوا بانفجار عبوة على جانب الطريق.

عندما يقوم انتحاري بتفجير حزامه الناسف في سوق تجاري فإنه يقتل الكثيرين من الأبرياء الذين يكونون غالبا مسلمين أيضا. التفجيرات العشوائية تهدف عادة لإيقاع أكبر عدد من الضحايا لا علاقة لهم بأي حرب أو مواجهات مع المسلحين، وكثيرون منهم لا يعملون حتى مع الحكومة. هم أناس عاديون لا يملك غالبيتهم ما يتركه وراءه لإعانة أهله وأطفاله فيقضوا باقي حياتهم يعانون بعد فقدان عائلهم الوحيد.

كامرأة مسلمة، أشعر بالأسى عادة لحال المسلمين وما يفعلونه ببعضهم البعض. بكيت عندما رأيت صور الفتيات في الحافلة المدرسية التي انهمر عليها وابل من رصاص طالبان باكستان. تقيأت عندما رأيت مقاتلا من المعارضة السورية يأكل أعضاء إنسان آخر في سورية. شعرت بالتقزز لمشاهد الذبح وقطع الرؤوس في العراق أو لمناظر القتل الجماعي في باميان، أفغانستان.

منذ عدة أيام أعلنت حركة طالبان عن افتتاح مركز لها في سورية لقتال قوات بشار الأسد. صديقي الصحفي الأميركي، والإعلام الأميركي والغربي بشكل عام، دهشوا بسبب تدخل طالبان في سورية! هل يستطيع أحد أن يقنع العالم ماذا تفعل حركة إرهابية مثل "طالبان" في سورية؟ هل تشكل سورية ملعبا جديدا يجذب جميع الطوائف والجماعات والإيديولوجيات؟ حركة طالبان جعلت حياة الأفغان بائسة وصعبة، فهل تريد أن تفعل الشيء نفسه بحياة السوريين؟ من الذي طلب مساعدتهم: هل هو الجيش الحر الذي يعتبر معتدلا بين قوى المعارضة السورية أم جبهة النصرة أم جهات أخرى؟ القوى الثائرة في سورية يفترض أنها قوى ديموقراطية سورية تسعى لإحداث تغيير في البلد نحو مزيد من الحرية والديموقراطية. حركة طالبان لا تزال تعيش في العصر الحجري ولا تتردد في قتل النساء والأطفال لأسباب بسيطة تتعلق حتى بحق التعليم، فهل أصبحت الآن مخلص السوريين؟ لا شك أن من طلب مساعدة طالبان في سورية والذين سمحوا لها بالدخول هم – على أفضل تقدير - أناس ساذجون.

خلال النقاش، سألني صديقي الصحفي الأميركي عن السبب الذي يجعل طالبان تقرر الذهاب إلى سورية للجهاد هناك في الوقت الذي يعاني فيه المسلمون في بورما من معاملة سيئة جدا ويتعرضون لأبشع أنواع القتل والتعذيب على يد البوذيين. لماذا لم تذهب حركة طالبان لمساعدة المسلمين في بورما؟

لست هنا أدعو إلى الجهاد في مكان أو آخر. كل ما أريد أن أفعله هنا هو إثارة نقاش حول الأسباب التي تجعل أماكن مثل العراق وأفغانستان وسورية أكثر جاذبية للجهاديين العالميين، مثل القاعدة وطالبان، من أي مكان آخر!

في 11 يوليو الماضي، عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه البالغ إزاء المحنة الإنسانية التي يتعرض لها المسلمون الروهينجا في بورما، ودعا إلى منحهم الجنسية الكاملة. في خطاب له منذ أيام أمام دبلوماسيين في المقر الرئيسي للأمم المتحدة، قال بان كي مون إنه يشعر بقلق عميق بسبب العنف الطائفي الذي أدى لمقتل حوالي 200 شخص ونزوح 140.000 من المسلمين الروهينجا خلال العام الماضي. الأمم المتحدة تعتبر الروهينجا أكثر أقلية في العالم تعرضا للاضطهاد. وهم محرومون من الجنسية وكثير من الحقوق الأخرى في بورما التي تعاملهم كلاجئين غير قانونيين من بنجلاديش.

لا بد أن "طلبان" و"القاعدة" يعرفون هذه الحقائق، فلماذا لم يشعروا بالأسى لحال المسلمين في بورما وهم الذين يتعرضون لأقسى اضطهاد في العالم بحسب الأمم المتحدة؟ قلت لصديقي مازحة إن طالبان ليس لديهم أجهزة تلفزيون ولا يقرؤون الصحف، لذلك ربما لم يسمعوا شيئا عن المسلمين في بورما.

الجهاد ضد "الكفار" ليس إلا استعراضا بالنسبة لبعض الجهات، ومن بينهم "طالبان" و"القاعدة". كل ما يفعلونه هو البحث عن ذرائع لتبرير عمليات القتل الفظيعة التي يقومون بها ضد أشخاص أبرياء في كثير من الأحيان. لو كانوا يهتمون بأمر المسلمين لما قتلوا أشخاصا ينتمون لنفس الطائفة السنية فقط لأنهم فعلوا أشياء لا يوافقون عليها. هذه ما فعلوه مع الطالبة ملالا يوسف زي، 15 سنة، حين أوقفوا الحافلة المدرسية التي كانت فيها في وادي سوات في باكستان وأطلقوا على رأسها النار لمجرد أنها كانت مصرة على متابعة دراستها.

لننظر إلى العراق وأفغانستان وسورية كأمثلة. عندما يخشى الناس على حياتهم عندما يذهبون إلى السوق، ما أهمية الحرية بالنسبة إليهم؟ عندما يجلس الناس في مطعم بانتظار الإفطار في شهر رمضان المبارك ويفجر أحدهم عبوة متفجرة بقربهم، فهل هذا هو الدين الوحيد الذي أعطى اسمه للسلام؟

قلت لصديقي: إنني لو كنت أملك السلطة لأرسلت كل هؤلاء المتطرفين إلى سجون الأشغال الشاقة.