في 1996، وعلى خلفية توقيع اتفاقيات أوسلو في 1993 وعودة رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات إلى فلسطين، حيث أنشئت السلطة الوطنية الفلسطينية، دخل بعض القياديين من المحافظين الجدد: ريتشارد بيرل، بول ولفويتز، المليونير رون لاودر، دوجلاس فيث وآخرون، على خط الحرب ضد الفلسطينيين.

أحد أهدافهم كان إسقاط مبدأ "الأرض مقابل السلام"، وكذلك إفشال المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. فريق من المحافظين الجدد بقيادة ريتشارد بيرل كتبوا ورقة في 1996 تم تصميمها لتكون "نقاط الحديث" لأول خطاب يلقيه بنيامين نتنياهو أمام الجلسة المشتركة للكونجرس الأميركي. في الورقة، حث المحافظون الجدد نتنياهو ليقوم بعملية "كسر نظيف" عن الوضع الراهن ويتجه إلى "تغير كبير". النقطة المركزية في استراتيجية "الكسر النظيف" هي إلغاء اتفاقيات أوسلو وإلقاء اللوم على الفلسطينيين في ذلك. التكتيك الذي استخدموه كان انتهاك الحدود المقترحة للسلطة الوطنية الفلسطينية بسرعة وتكرار بذريعة "المتابعة الساخنة" ضد الإرهاب، وتحميل عرفات مسؤولية ذلك. وبشكل خاص، كانوا يريدون الدفع باتجاه "قبول العرب غير المشروط بحقوق إسرائيل، خاصة في بعدها الإقليمي" كما تقول في "الكسر النظيف". نتنياهو تحدث في الكونجرس الأميركي في 1996، وهناك بدأت عملية طويلة لتفكيك وتدمير اتفاقيات أوسلو.

في 2011، ألقى نتنياهو خطابا آخر أمام الجلسة المشتركة للكونجرس. مرة أخرى، وضح نتنياهو أنه يريد أن يقضي على أي فكرة لدولة فلسطينية مستقلة. هذه المرة، ذهب نتنياهو أبعد من ذلك: إسرائيل ستكون "دولة يهودية"، وعلى العالم أن يقبل بذلك.

نتياهو قال "من بين 300 مليون عربي، هناك أقل من نصف بالمئة أحرار بالفعل وهو جميعا مواطنون إسرائيليون. هذه الحقيقة المذهلة تكشف حقيقة أساسية: إسرائيل ليست هي ما هو خطأ في الشرق الأوسط؛ إسرائيل هي ما صحيح في الشرق الأوسط. منذ 15 سنة وقفت على هذه المصة نفسها. وبالمناسبة، فإنها لم تتغير".

وبعد الهذيان بأن اليهود ليسوا محتلين لأن هذه الأرض وعدهم الله بها منذ 4000 سنة، جأر نتنياهو: "حان الوقت للرئيس عباس أن يقف أمام شعبه ويقول "سأقبل بدولة يهودية".

الخطاب كان قد أعده رون دريمر، وهو مواطن أميركي سابق ويتمتع بحماية ريتشارد بيرل وصحبه. ما كتبه دريمر في الخطاب هو صدى لـ"الكسر النظيف" الذي كتبه المحافظون الجدد لنتنياهو في 1996.

دريمر هو حاليا السفير الإسرائيلي الجديد إلى الولايات المتحدة، أميركي يحل محل مواطن أميركي سابق آخر، هو السفير مايكل أورين. استراتيجية تعيين مواطنين أميركيين سابقين في مناصب لها علاقة بالولايات المتحدة تهدف منها حكومة نتنياهو الاستفادة من جميع العلاقات في المسرح السياسي الأميركي.

دريمر تخلى عن جنسيته الأميركية في 2004 "لخدمة بلدي الجديد، إسرائيل ومساعدة شعب آخر (يهود إسرائيل) أحبه على القتال ليس فقط من أجل الاستمرار في الحياة ولكن أيضا من أجل حقهم في الاستمرار." خلال السنوات التسع منذ ذلك الحين، انتقل دريمر من منصب إلى آخر في الساحة السياسية الإسرائيلية، وأصبح في 2009 مستشارا لرئيس الوزراء نتنياهو، ومو مقرب جدا من رئيس الوزراء الإسرائيلي لدرجة أنه يطلق عليه لقب "دماغ نتنياهو". ومن موقعه هذا، كتب دريمر خطاب نتنياهو الرئيسي الذي ألقاه في الكونجرس الأميركي في 2011.

من المهم معرفة من هو رون دريمر وكيف وصل إلى ما هو عليه الآن لفهم ما يقوم به. دريمر مدعوم من مجموعة من أصحاب المليارات من المحافظين الجدد منذ حوالي عشرين سنة. وهناك كثيرون يقولون إن دريمر هو من الحزب الجمهوري وأنه ساعد على التخطيط لزيارة المرشح الجمهوري ميت رومني إلى إسرائيل في 2012. وفي الواقع فإن رحلة رومني إلى إسرائيل في 2012 كانت سيئة حيث التقى خلالها مع ممثلين عن مجلس "إسرائيل الكبرى" الذي يطالب بالمزيد من التوسع.

في 1994، أمضى دريمر وقتا قصيرا في الولايات المتحدة، وكان يعمل مع عضو الكونجرس المحافظ نيوت جينجريتش في الوقت الذي كان المحافظون يصوغون فيه "عقدا مع أميركا." لكن الفرص الحقيقية كانت في إسرائيل، التي كانت تستعد لتدمير اتفاقيات أوسلو التي كان ياسر عرفات وبيل كلينتون وإسحاق رابين قد وقعوا عليها. دريمر قرر الذهاب إلى إسرائيل، حيث وُضِع في معكسر المهاجر الروسي ناتان شارانسكي، الذي أصبح فيما بعد زعيما لحزب وصانع قرار سياسي في إسرائيل. مستقبل دريمر المهني كان دائما يتلقى دعما من دائرة المحافظين الجدد ومن أموالهم. داخل إسرائيل، ارتبط مع أحد كبار الأثرياء أيضا، مايكل ستاينهارت، الذي تعاون معه على تأسيس مشروع التراث اليهودي، الذي يحضر طلابا جامعيين من الولايات المتحدة –مع تحمل كل النفقات - في كل عام ليجدوا آفاقا جديدة للعودة إلى إسرائيل. داخل إسرائيل، كان دريمر عضوا وخريجا من مركز شاليم، الذي يموله ثريان أميركيان آخران – رونالد لاودر وروجر هيرتوج المرتبطان مع جماعة "ميجا جروب" اليمينية الصهيونية ذات النفوذ الواسع.

ترقية دريمر إلى مرتبة سفير إلى الولايات المتحدة مؤشر للسياسة الإسرائيلية القادمة، وذلك بحسب مصادري في المجتمع الاستخباراتي الأميركي. بالدرجة الأولى، سيكون دريمر في واشنطن لتسويق حرب إسرائيلية تشنها على إيران، تكون فيها الشريك العسكري والضامن لتغيير النظام. ثانيا، دريمر مكلف بتسويق سياسة "الدولة اليهودية" التي لا تتنازل عن أي أراض للفلسطينيين، والتي ترفض العودة إلى حدود 1967، والتي تستمر في توسيع المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية حتى يصبح آخر جزء قابل للزراعة أو أراض قابلة للإنتاج من أراضي الضفة الغربية في أياد إسرائيلية بشكل دائم.