فيما أكد خبراء أن الشركات العالمية العاملة في مجال النفط والغاز ترى أن السوق السعودية أكثر جاذبية مقارنة بالأسواق الآخرى، نتيجة الاستقرار السياسي والأمني والمزايا التي تحصل عليها، تحفظت شركة "سراك" المشتركة بين أرامكو السعودية وشل الهولندية أمس على التعليق عن انسحاب شل من تنقيب الغاز بمشروع الربع الخالي، مشيرة إلى أن الإعلان عن الانسحاب من عدمه شأن يخص شل. وذكرت سراك أن وزارة البترول والثروة المعدنية هي التي تحدد طبيعة الاستثمار وجغرافية التنقيب والاتفاقيات مع الشركات العالمية، لكنها أضافت أن أرامكو وشل قادرتان على وضع الحلول المناسبة في مجال تنقيب الغاز.

من جانبه قال الخبير النفطي مازن السديري في تصريح إلى "الوطن" إنه لا جود لمعلومات حول اختلاف وجهات النظر حول الأسعار بين أرامكو وشل حول مشروع التنقيب، مؤكداً أن انسحاب الشركات من عمليات التنقيب عن الغاز طبيعي بسبب الاختلاف حول التقديرات الجيولوجية والكميات المتاحة، بالإضافة إلى تكاليف صناعة الغاز الصخري، عطفاً على النقل والمعالجة. وأشار إلى انسحاب سابق لشركتين، إحداهما روسية والأخرى صينية من عمليات التنقيب، "كما انسحبت شركات من دول أخرى بسبب تكاليف الاستخراج، أو تراجع الكميات المستخرجة عن المقدرة". وأوضح أن المملكة تملك رابع أكبر احتياطي في العالم يقدر بنحو 283 تريليون قدم مكعبة، موزعة على نحو 103 حقول، مبينا أن الإنتاج اليومي من الغاز يصل إلى نحو 9 مليارات قدم مكعبة. وأفاد أن المملكة تخطط للوصول إلى 333 تريليون قدم مكعبة بحلول 2016 ، لافتا إلى أن نصف الغاز السعودي يأتي من المصاحب للبترول. وقلل من أهمية الاعتماد على الغاز لاعتبارات، أهمها أنه لا يعد مصدر الدخل الرئيس، بالإضافة إلى انخفاض أسعاره وتكاليف استخراجه.

وأمام توجه شركات التنقيب نحو الغاز الصخري في أميركا الشمالية، أوضح السديري أن المسوحات الجيولوجية في المملكة تقدر حجمه بنحو 645 تريليون قدم مكعبة، إلا أنه عاد ليؤكد أن الغاز الصخري يظهر أقل في الواقع من التقديرات الجيولوجية بسبب درجة تواصل الصخور، مما يواجه الشركات المستثمرة بصعوبات في التنقيب من خلال الصخور المنفصلة. ولفت إلى أن دولا كثيرة عانت من تراجع الغاز الصخري الحقيقي عن المقدر مثل تركيا وبولندا. واعتبر أن الاحتياطيات النفطية أكثر وضوحاً من الغاز الصخري الذي يعد استثمارا مريبا.

وشدد السديري على أن كل الشركات المستثمرة في استخراج الغاز تكون حذرة جداً وتتوجس من أي تغييرات في كميات الغاز الصخرية. وأكد أن المملكة تعد من أكثر مناطق العالم طلباً للشركات العالمية المستثمرة بسبب توفر الاستقرار السياسي والأمني، بالإضافة إلى موثوقية شركة أرامكو ومرونتها في التعاقد مع الشركاء الأجانب. وأوضح أن انسحاب الشركات وعودتها للاستثمار بعد التطورات التقنية غير مستبعد، كما حدث لإحدى الشركات العالمية التي انسحب وعادت للاستثمار أربع مرات في إحدى المناطق الأفريقية ووقعت اتفاقيات مع حكومتين مختلفتين. وذكر أن الشركات العالمية ما زالت تبحث عن الاستثمار في المملكة في حال سجلت شركة انسحابها لتوفر مؤهلات الاستثمار في السوق السعودي.

بدوره قال مسؤول سابق في شركة أرامكو، المهندس خالد الساعاتي، في تصريح إلى الوطن" إن سياسة التنقيب في المملكة تعتمد على استراتجيتين أساسيتين، هما المناطق المريحة، والأخرى تخص المكلفة والصعبة في ظل وجود الثروة من النفط والغاز وحجم الاحتياطات المرتفعة. وأضاف أن الشركة تهتم بأعمال البحث والتنقيب وقياس تكاليف الاستخراج مع الشركاء، وهو هدف بحد ذاته في مناطق الامتياز. وأشار إلى أن انسحاب شركة أو أخرى مهما كانت يعود لأسباب تخص تقنيتها المستخدمة في التنقيب، مما يحدد تكاليف الإنتاج سواء على المدى المتوسط أو البعيد. وأكد أن شركة مثل شل تبحث عن عوائدها الاستثمارية العاجلة، سواء في المملكة أو خارجها، مقابل خفض تكاليف أعمال التنقيب والاستكشاف والمسح الجيولوجي، مشيراً إلى أن قرار شل بالاستمرار من عدمه يعود لتقديرات التكاليف، خاصة أن المملكة ستصل إلى معلومات أكثر دقة عن حجم الاحتياطي من الغاز الصخري. واستبعد الساعاتي إعلان الانسحاب من كامل مشروع الغاز في مناطق الامتياز، لأن بدائل الاستثمار في أسواق العالم أقل ربحية وأكثر كلفة، خاصة مع صعوبات تقدير حجم الغاز الحقيقية في أكثر بلدان العالم. وقال إن أرامكو تعمل على رفع طاقتها من إنتاج الغاز الطبيعي والسائل إلى نحو 15.5 مليار قدم مكعبة بحلول 2015 من أصل 9.3 مليارات قدم مكعبة حالياً في حقول الخرسانية والحوية والجعيمة وينبع وخريص، بالإضافة إلى حقل الدورة في المنطقة المحايدة مع الكويت، حيث يقدر حجم الاحتياطي بنحو 60 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي. ولفت إلى أن أهم التحديات المرتبطة بالاستثمار بالغاز في حقلي العربية والحصبة احتواؤه على كمية عالية من الكبريت.