بقي أقل من أسبوع ليستلم حسن روحاني منصبه كرئيس ثامن للجمهورية الإسلامية الإيرانية. مراسم التنصيب ستبدأ الساعة الرابعة من يوم الأحد 4 أغسطس. وبانتهاء المراسم، تنتهي السنوات الثماني من حكم الرئيس محمود أحمدي نجاد.

الحماس الذي يملأ قلوب الإيرانيين ممزوج مع نوع من القلق والمخاوف من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. هناك الكثير من التكهنات حول مدى الحرية التي سيسمح بها خامنئي للرئيس روحاني للتفاوض مع القوى الغربية حول الملف النووي الإيراني وأمور أخرى، على رأسها الصراع في سورية والعلاقة مع حزب الله، وتحسين العلاقات مع الدول العربية المجاورة، خاصة السعودية.

روحاني تحدث مرارا عن أهمية إقامة علاقات جيدة مع السعودية، حتى إنه ألمح مرة إلى إمكانية القيام بزيارة دولة إلى المملكة. لكن الصحافة الإيرانية تقول الزيارة الخارجية الأولى التي سيقوم بها روحاني ستكون إلى الصين لحضور مؤتمر شنجهاي الدولي، وبعد ذلك سيقوم بزيارة السعودية. هذه الزيارة الدولية لروحاني إلى السعودية ستكون واعدة وسيتقبلها الإيرانيون بحماس إذا تأكدت.

هناك الكثير الذي على روحاني أن يفعله خلال المراسم، بدءا من لقاء قادة الدول والمسؤولين الذين سيأتون إلى طهران لحضور حفل أداء القسم يوم الأحد 4 أغسطس، وبالطبع عليه أن يعطيهم انطباعا جيدا عن شخصه ويبين أن إيران أصبحت في عهدة قيادة جديدة. من المأمول أن تسير الأمور بشكل حسن وسيتمكن روحاني من حل كثير من القضايا الداخلية والخارجية. لكن الأهم أن يتمكن من إيجاد صيغة تفاهم مقبولة مع المرشد الأعلى علي خامنئي ويحصل على تفويض منه.

وبقدر ما تمتدح الصحافة الإيرانية حسن روحاني، فإن صفحاتها مليئة بالانتقادات، وأحيانا الشتائم للرئيس المنتهية ولايته أحمدي نجاد. كنت أقرأ تقريرا منذ عدة أيام عن اتهام أحد أعضاء البرلمان الإيراني الرئيس أحمدي نجاد بأنه مسؤول عن الصدامات في الشوارع بين شرطة مكافحة الشغب وبين المحتجين منذ 4 سنوات. عضو البرلمان اتهم أحمدي نجاد بأنه مستفز وأنه صب الزيت على نار غضب وإحباط الشعب في فترة ما بعد الانتخابات. لكن السؤال هو: لماذا لم تكتب الصحف مثل هذه الانتقادات من قبل؟ ولماذا لم يتم استدعاؤه إلى البرلمان لمساءلته حول الأمور التي تثار الآن إذا كانت صحيحة؟ هذه الأيام، معاداة أحمدي نجاد هي "الموضة"، والجميع يريد إظهار التضامن مع القيادة الجديدة بأي شكل.

حتى الآن، التعامل مع الاقتصاد الإيراني المحطم هو المطلب الرئيسي الذي على روحاني أن يفعله بأسرع وقت ممكن. لكن مشكلة الاقتصاد مرتبطة مع قضية الملف النووي الإيراني بشكل معقد، وبالتالي مع مستقبل العلاقات الإيرانية مع الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. قد يبدو من السهل الحديث عن حل هذه المشاكل، ولكن الحقيقة هي أن هناك عقبات كثيرة تعترض ذلك الهدف. الإحساس العام هو أن أسعار السلع والبضائع وتكاليف المعيشة المرتفعة لن تهبط بالسرعة التي يطالب بها الناس، وقد يستغرق الأمر عامين قبل حدوث أي انفراج. ما لم يتوصل الفريق النووي الإيراني إلى اتفاق من نوع ما مع دول مجموعة 5+1 لن يكون هناك تطور على الصعيد الاقتصادي الإيراني. ومن المؤكد أن دول مجموعة 5+1 لن ترفع العقوبات أو تخففها على إيران دون أن تأخذ الولايات المتحدة الريادة في ذلك. وهناك مؤشرات على احتمال حدوث مباحثات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة لمناقشة الملف النووي، وقد تم إعداد الأرضية المناسبة لروحاني ليمضي في ذلك الاتجاه.

السنوات الأربع المقبلة مهمة جدا وحاسمة ليس فقط بسبب الملف النووي الإيراني والاقتصاد المنهار لهذا البلد والإحساس العام بالإحباط لدى الشعب الإيراني، لكن العين أيضا متركزة على تقدم المرشد الأعلى خامنئي بالسن وعلى صحته العامة. خامنئي يبدو بصحة جيدة، لكنه بعد أربع سنوات سيكون قد بلغ الـ76 سنة من العمر، وهو عمر هاشمي رفسنجاني حاليا، والذي تم بسببه سحب أهلية رفسنجاني للترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية بحسب التقارير الأخبارية. إذا بقي روحاني في منصبه أربع سنوات إضافية أو حل محله رئيس إصلاحي آخر بعد أربع سنوات، سيكون خامنئي على الأرجح قد تقدم في السن لدرجة قد تضعه خارج الصورة إلى حد كبير.

بالطبع فإن من المبكر والصعب جدا الحديث عن السنوات الأربع المقبلة لكن هذه الحقائق التي نعرفها تعطينا صورة جيدة عن مستقبل الإصلاحات السياسية في إيران التي يبدو أن المحافظين يسيطرون عليها. الشعب الإيراني متفائل بانتخاب روحاني. واستقرار إيران له أثر مباشر على منطقة الشرق الأوسط والعالم لأسباب تتعلق بتصدير النفط والغاز من هذه المنطقة إلى العالم.