ما أن انقضت أزمة ارتفاع أسعار خبز "البر" في بعض المحافظات بعد تلويح وزارة التجارة والصناعة بعقوبات رادعة في حق من لم يلتزم بالأسعار المحددة من قبلها، بدأ عدد من المخابز في محافظة جدة برفع أسعار المعجنات، متجاوزة السقف المتعارف عليه بنسب تراوحت بين 35 و100% على مختلف الأصناف، مستغلة عدم خضوع هذه الأنواع للأصناف المحمية من زيادة الأسعار، مرجعة السبب إلى الشروط الصعبة التي فرضتها الجهات ذات العلاقة، مثل نسب السعودة ورسوم العمالة إضافة إلى ارتفاع المواد الخام.

وأوضح عضو لجنة المخابز بغرفة جدة عبدالله الطاسان، في تصريح إلى "الوطن"، أن الأصناف المحمية من زيادة الأسعار هي أسعار الخبز "المفرود" و"الصامولي" والتي تباع الـ500 جرام منها بريال واحد، في حين لا توجد أية ضوابط على رفع أسعار باقي منتجات المخابز لأن السوق مفتوح وقابل للزيادة.

وفي جولة لـ"الوطن" على عدد من المخابز، رصدت تباينا في ارتفاع الأسعار لدى البعض وسط عدم تأثر مبيعات تلك المحلات بإقبال المشترين، إذ كانت تباع القطعتان من أي نوع من المنتجات بأسعار تتراوح بين ريال وريالين، فيما ارتفع سعر القطعتين ليتراوح بين ريالين وأربعة ريالات.

وعزا الطاسان زيادة الأسعار إلى ارتفاع رسوم بطاقات العمل إلى 2400 ريال، إضافة إلى تكاليف المواد الخام، ووقوع المخابز المشتركة مع مراكز التسويق في مشكلة نسب السعودة إذ إن النسبة المعتمدة للمخابز هي 5%، فيما يتم رفعها إلى 10% عند ارتباط المخبز بمركز تجاري. وأكد أن جميع المخابز لا تمانع أن توظف سعوديين يقفون خلف الفرن أو يوزعون المنتجات على المراكز التجارية من الساعة الثالثة فجرا يوميا، غير أنهم لا يجدون سعوديين يوافقون على تأدية مثل هذه الأعمال، التي تم الاعتياد على أن يشغرها بعض الجاليات المقيمة.

وقال عضو لجنة المخابز: رفعنا بشكوانا إلى جميع الجهات للبحث عن حلول لمشاكلنا غير أن ذلك لم تنتج عنه أية حلول حتى الوقت الحالي، مبينا أن اللجنة ستشارك اجتماع اللجنة الوطنية للمخابز الثلاثاء المقبل، وستكون المشاكل التي يواجهها أصحاب المخابز والأسعار على طاولة النقاش للبحث عن حلول.

من جهته، أوضح العامل الباكستاني محمد حبيب الرحمن، الذي يعمل في أحد محلات المعجنات في حي مشرفة وسط جدة، أن الارتفاع بدأ منذ مطلع الأسبوع الحالي، وهو ارتفاع غير مبالغ فيه، إذ إن الأسعار بقيت على وضعها لفترة طويلة تمتد لأكثر من عشرة أعوام، فيما قفزت أسعار باقي المنتجات والسلع بدون مبرر وسط عدم ممانعة الجهات المختصة والمستهلكين. وأشار إلى أنه لا يوجد لديه مانع من بقاء الأسعار على وضعها السابق غير أن ذلك سيؤثر على جودة المنتج الذي لن تقبله الزبائن. وبين أنه كغيره من أبناء جلدته بات موضوع ارتفاع رسوم بطاقات العمل جليسهم خلال لقاءاتهم في الصباح والمساء.

فيما أوضح إقبال محمد، الذي يعمل في أحد محلات بيع المعجنات، أنه كان يبيع الكيلو بـ20 ريالا ويبيع القطعتين بريال واحد من جميع الأصناف المتنوعة، بين جبنة بيضاء وجبنة سائلة وجبنة صفراء ولحم ودجاج وخضار وكبة بنوعيها لحم ودجاج وفرموزا ومنتو، حيث يحتوي الكيلو على 40 قطعة، فيما رفعت أسعارها منذ بداية الأسبوع لتباع القطعتان بثلاثة ريالات ويصل سعر الكيلو الذي يضم 40 قطعة إلى 30 ريالا بنسبة زيادة 32%.

من جانبه، طالب المواطن ماجد الغامدي، بتدخل وزارة التجارة والصناعة ولجنة حماية المستهلك لمحاسبة رافعي الأسعار غير المبررة، مؤكدا أنه لا يستطيع في الوقت نفسه الامتناع عن المعجنات التي أصبحت تمثل لديه طقسا يوميا، كما يلجأ إليها مع أنواع الضيافة التي يقدمها للضيوف. ولفت إلى أنها لن تشكل عليه عبئا ثقيلا لا يستطيع التعامل معه شخصيا بحسب وضعه المادي، غير أنها ستشكل عبئا كبيرا على الأشخاص غير ميسوري الحال، مشيرا إلى أن الارتفاع امتد ليصل إلى مخابز التنور، التي صغرت حجم رغيف الخبز وقللت أعداده لتباع ثلاث الأرغفة بريال واحد بدلا من أربع أرغفة بريال واحد، كما كان الوضع في الأسبوع الماضي.

من جهته، حارب محمد سالم بقشان ارتفاع الأسعار، وقال: يبدو أن قرار زيادة رسوم العمالة بات شماعة يعلق عليها الجميع أسباب جشعهم، المتمثل في زيادات على السلع الاستهلاكية والمنتجات، وطالب صوامع الغلال ووزارة التجارة وأمانات المدن أن يهتموا بمشاكل المواطن ومراقبة الأسعار ومخالفة المتجاوزين. وتابع: من المؤسف أن تكون هناك قرارات تخدم المواطنين وأصحاب العمل نتفاجأ بأنها باتت تستخدم سلاحا في رفع الأسعار.

وبالنسبة لزيادة بعض المخابز أسعارها اقترح بقشان أن تتوقف الدولة تماما عن دعم منتجات الخبز، وأن تقوم بفتح مخابز خاصة توزع الخبز بسعر مناسب، لكي تنفع المواطنين وتردع هؤلاء التجار.