أحداث متسارعة شهدتها محافظة كركوك العراقية أمس، بعد لجوء قوات الجيش العراقي باقتحام ساحة المعتصمين هناك، في عملية عنيفة أسفرت عن أكثر من 200 قتيل وجريح.

زعماء عشائر حويجة كركوك، اتهموا قوات سوات التابعة لحزب الدعوة الذي يترأسه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، بالضلوع خلف المذبحة المروعة التي شهدتها ساحة الاعتصام. وأبلغ "الوطن" الشيخ سعدون فندي العبيدي (زعيم عشائري بارز)، أن الحراك السلمي في المحافظة انتهى، وبدأ وقت القتال، على حد تعبيره.

وروى تفاصيل ما حدث في اتصال هاتفي أجرته معه الصحيفة بعد ساعات من وقوع المذبحة التي أشار إلى أنها بدأت عند الخامسة من فجر أمس، وكان في طلائع المقتحمين ما وصفها بـ"قوات سوات اللعينة".

ويشير العبيدي، إلى أن قوات الجيش العراقي، كانت قد قررت لاقتحام ساحة المعتصمين، في أعقاب أحداث الجمعة الماضية، التي كانت الشرارة الأولى لما حدث، إذ قام عدد من أفراد الجيش باستفزاز المتظاهرين عقب خروجهم من الصلاة، ما أدى إلى احتكاك الطرفين في أحداث أسفرت عن مقتل ضابط وإصابة جريحين في صفوف أفراد الجيش، وسقوط شهيد و4 جرحى في صفوف المتظاهرين، وهي ذات الحادثة التي زعم الجيش العراقي فيها أن المتظاهرين استولوا على أسلحة منهم وأخفوها في ساحة الاعتصام.

مؤكدا أن كل المباحثات التي شارك فيها مع ممثلي العشائر لم تصل إلى نتيجة، حتى جاء التوافق على تشكيل لجنة من الجيش العراقي والعشائر وأعضاء برلمان لتفتيش الساحة بغية العثور على الأسلحة المفقودة.

وكشف أن رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، بادر بإرسال لجنة برلمانية للتفاوض مع القيادة العسكرية، لكن دون جدوى.

وكان الجيش العراقي، قد طوق ساحة الاعتصام في كركوك منذ يوم الجمعة الماضية، وصولا إلى يوم أمس الذي نفذ فيه عملية الاقتحام الدموية التي سقط فيها، بحسب العبيدي، 75 قتيلا و150 جريحا، في حصيلة أولية قال إنها مرشحة للارتفاع خلال الساعات المقبلة.

عملية اقتحام الجيش للساحة، بدأت عند الخامسة من فجر أمس، وانطلقت باستخدام خراطيم المياه الساخنة والهراوات بحق المتظاهرين، قبل أن تعمد قوات "سوات" والجيش العراقي بإطلاق الذخيرة الحية، فيما عمدت المروحيات التي شارك في هذه العملية على محاولة إحداث حالة من عدم الاتزان داخل الساحة. واتهم قوات سوات بارتكاب مجازر جماعية بحق الجرحى، ومنع سيارات الإسعاف من نجدة المصابين، كما أشار إلى أنها قامت بحرق الخيام التي أدخلت فيها جثث الشهداء والمصابين. وبعد كل هذه التطورات، أعلن العبيدي باسم عشائر كركوك، انتهاء الحراك السلمي، وقال "لقد بدأنا الحراك القتالي.. لن نتراجع عن ذلك بعد هذه المجزرة الدموية".

وكانت قوى سياسية عراقية قد صبت جام غضبها على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، مشيرة إلى أنه أدخل البلاد في "دوامة من الجحيم" عقب اقتحام قوات الجيش ساحة الاعتصام بقضاء الحويجة في محافظة كركوك صباح أمس. وأكدت قيادات الاعتصام أنها بصدد عقد اجتماع عاجل لاتخاذ موقف مما حصل. وبدوره هاجم وزير المالية المستقيل رافع العيساوي رئيس الحكومة بشدة، مؤكدا أن ما شهدته ساحة المعتصمين السلميين "هو جريمة إبادة طائفية"، وطالب الأمم المتحدة باعتبار الحويجة "مدينة منكوبة"، كما دعا جامعة الدولة العربية إلى التدخل.

كما تظاهر المئات من علماء وشيوخ الفلوجة احتجاجا على ممارسات السلطات الحكومية بحق المعتصمين، بينما بدأ المواطنون في تنفيذ إضراب عام في الدوائر الرسمية والمحال التجارية تضامنا مع ذوي القتلى.

إلى ذلك طالب التيار الصدري الجيش بعدم التدخل في الصراعات السياسية، وقال نائب التيار علي التميمي "البلاد أصبحت على فوهة بركان، وفتحت الأبواب أمام اندلاع حرب أهلية شاملة.