"جاش" بلدة جميلة تقع في شمال شرق منطقة عسير وتتبع لمحافظة "تثليث"، وتطل على على ضفاف واديها المشهور بتدفق مياهه التي لم تكن تنقطع إلى عهد قريب. و"جاش" من الأماكن التي احتفظت باسمها التاريخي منذ حوالي 1500 عام، وقد ورد اسمها في الكثير من قصائد الشعراء القدامى كـ"طرفة بن العبد" الذي قال:

بتثليث أو نجران أو حيث نلتقي من النجد في قيعان جاش مسايله

كما يذهب الكثير من المؤرخين أن صاحب "سيف الصمصامة" الشاعر والفارس والصحابي "عمرو بن معد يكرب الزبيدي" سكن هذه البلدة.

"الوطن" تجولت في هذه البلدة التاريخية برفقة أحد أبناء المكان "قبلان بن محماس القحطاني" الذي قال لنا: "جاش" عبارة عن قيعان وواحات وأراض منبسطة تحيط بها "رجوم" ضخمة من "الجرانيت" ذات الأشكال العجيبة والمناظر الآسرة. كما يخترق البلدة وادي "جاش" الشهير، الذي تتوزع على جنباته واحات النخيل وبقايا قرى وحصون أثرية قديمة قيل إن من تلك الحصون حصنا كان للصحابي الشهير المعروف "عمرو بن معد يكرب"، لكن لم يستطع أحد حتى الآن تحديد المكان الذي كان يسكنه.

من جهته، يقول الباحث والمهتم بآثار جاش "فراج بن شافي المسردي": تعد جاش واحدة من أجمل البلدات التابعة لمحافظة تثليث الواقعة في النواحي الشرقية لمنطقة عسير، وقد اقترن اسمها باسم الصحابي الجليل والفارس الشجاع، عمرو بن معد يكرب الزبيدي، الذي أورد بعض المؤرخين أنه كان له بجاش حصن ونخل ولا يزال أبناء جاش لا سيما المهتمين بالآثار يبحثون عن المكان الذي سكنه هذا الصحابي الجليل وهذا الفارس الشجاع، الذي أسلم وحسن إسلامه وشارك المسلمين في الكثير من المعارك في الشام والعراق، وهذا يدل على شجاعته وبأسه في الحروب. كما قيل إن سيفه "الصمصامة" توارثه عدد من الخلفاء في العهد الأموي والعباسي.

وعن قرى وحصون جاش قال فراج: هناك الكثير من القرى والحصون تنتشر على ضفاف وادي جاش، وهي حصون تبنى بالحجارة وكثير منها بني بالطين، ويرتفع إلى الأربعة أدوار إلى أن جاء بعض الدعاة في زمن مضى وأمروا بهدم الأدوار العلوية للحصون العالية بدعوى أن هذا من التطاول في البنيان، وهذا ما حصل في بعض الحصون كحصن مشرف المعروف على ضفة وادي جاش والذي لا يزال جانب منه قائما إلى يومنا هذا.

بدوره، يقول مؤلف كتاب "جاش.. عبق الماضي وإنجاز الحاضر" مسعود بن فهد المسردي: إن أكثر الباحثين المتأخرين مثل هاشم بن سعيد النعمي، ويحيى بن إبراهيم الألمعي، صاحب كتاب "رحلات في بلاد عسير" وغيرهم ذهبوا إلى حصن ونخل الصحابي الجليل عمرو بن معد يكرب، كانا في "جاش" يدل على ذلك ورود الكثير من مسميات الجبال والأماكن التي حول جاش في معظم أشعاره، علما أن المؤرخ الشهير الهمداني قال: إن الحصن بتثليث، ولعله لم يذهب بعيدا فجاش من تثليث ولا تبعد عنها سوى كيلومترات قليلة. وأنا أتوقع أن منزله وحصنه كانا في الجهة الغربية من الوادي بين قرية "آل دمخان" وقرية "مستوية".

ويضيف المسردي: جاش غنية بالمواقع الأثرية والنقوش القديمة كالتي في جبل القنة، بالإضافة إلى الحصون الحجرية والطينية التي تنتشر على ضفاف وادي جاش والبساتين وواحات النخيل الوارفة، بالإضافة إلى الجمال الطبيعي الذي تتفرد به خاصة وتثليث عامة والمتمثل في طبيعة تكوينات جبالها، حيث تتكون من الصخور الجرانيتية الضخمة والرجوم العملاقة.