اعتبر كاتب سعودي التفكير بأهمية وجود الرقيب على الإعلام الحالي "وهما"، وأن الرقيب قد انتهى تماماً مع ظهور الإعلام التفاعلي، مؤكداً أن جميع أعمال الحجب للمواقع على شبكة الإنترنت بشكل خاص وفي وسائل الإعلام التفاعلي المختلفة ليست حلولا لأي قضية، والحل يكمن في رفع مستوى تحضر الناس ووعيهم ومشاركتهم في الهموم، وهو المستوى الأمثل وليس الحجب – على حد قوله-، لافتاً إلى أن الخطاب الديني هو الخطاب المسيطر في المملكة منذ أكثر من 40 عاماً، وأن بلادنا لم توجد برامج إذاعية يشارك فيها المستمع عبر الاتصال الهاتفي المباشر إلا في السنوات القليلة الماضية.

وأشار الكاتب الدكتور عبدالله الكعيد في محاضرة مساء أول من أمس بعنوان "النماذج المختلفة للإعلام التفاعلي" في المقهى الثقافي التابع لفرع جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، وأدارها الكاتب فرحان العقيل، إلى أن الصحافة الإلكترونية تعيش حالياً في مأزق، وهو شكوك المتابعين بمصداقيتها، مقارنة بالصحافة الورقية التي حظيت بمصداقية وثقة كبيرتين عند القراء والمتابعين، لافتاً إلى أن الغالبية العظمي من الصحف الإلكترونية – التي تسمي نفسها بذلك- لا تعدو أن تتجاوز المواقع الإلكترونية "المتطورة"، ولم تصل إلى المعايير الحقيقية التي يمكننا أن نطلق عليها مسمى "صحيفة إلكترونية"، وتعيش تلك الصحف الإلكترونية حالياً بصورة "مهزوزة" وغير ناضجة في مصداقيتها، باعتبارها مولودا جديدا، بيد أنه أكد أن الصحافة الإلكترونية هي التي أخذت تشق طريقها للبقاء والتطور، وأن كثيرا من الصحف الورقية في طريقها للنهاية، ومن كان قوياً ومؤثراً في الصحافة الورقية سيبقى قوياً ومؤثراً في صحيفته الإلكترونية.

وشدد الكعيد في معرض محاضرته على ضرورة اختيار المذيعين المؤهلين لإدارة الجلسات والبرامج الحوارية، مع التأكيد على الحوارات الهادفة التي لها تأثير، منتقداً تشابه التلفاز والإذاعة في البرامج الحوارية بسبب عدم الاستفادة من ميزة "الصورة" في التلفاز، مبيناً أن الراصد لتاريخ وسائل الاتصال يتضح له أن الوسائط الثقافية المتعددة والترفيهية لم يلغِ أحدها الآخر حتى وقتنا الحالي، لكن هناك هزيمة بالتأكيد، مستشهداً في ذلك بانتصار الإنترنت على الإذاعة والتلفزيون والصحف على حد سواء، لافتاً إلى أن دراسة حديثة لـ 50 ألف شخص من 46 دولة في العالم أكدت أن معظم مستخدمي الإنترنت يدخلون الشبكة العنكبوتية من أجل الاستهلاك الإعلامي، وأن 61% يتصفحون شبكة الإنترنت يومياً ممن يشاهدون التلفاز، و36% ممن يستمعون للإذاعة، و32% ممن يقرؤون الصحف.

وتطرق الكعيد في المحاضرة إلى مقولة وزير الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة في أحد اللقاءات، التي ذكر فيها أن "بإمكان أي مستخدم للإعلام الجديد بوسائله المختلفة أن يصبح وزيراً للإعلام، وأن تكون الوسائل التي يستخدمها وزارة متكاملة للإعلام"، موضحاً أن الاتصال التفاعلي هو الذي يسمح بتبادل الأدوار بين المرسل والمستقبل، وأن الرسائل في وسائل الإعلام التفاعلية قد تكون شخصية أو جماهيرية، وأن الاتصال التفاعلي يجب أن يكون في اتجاهين، وكانت وسائل الاتصال في السابق تمارس دور المرسل ولا تسمح للمتلقي بالمشاركة والتفاعل مع الرسائل الاتصالية، مستشهداً في ذلك بالصحافة الورقية.. على سبيل المثال ينتهي دورها آنذاك بعد طباعة العدد ليبدأ التجهيز للعدد الذي يليه، بيد أنه أبان أنه من النادر وجود صحيفة ورقية ليس لها موقع إلكتروني لمتابعة الأخبار وتحديثها أولا بأول، وتتيح للمتلقي المشاركة في تحرير المادة من خلال التعليقات والإضافات وهو التفاعل مع الوسيلة، وكذلك الإذاعة.. هي الأخرى لم تسمح بمشاركة المستمعين عبر بثها المباشر إلا في وقت متأخر من اختراع موجات الراديو.

وذكر الكعيد أن خبراء في الاتصال يشيرون إلى أن التلفاز يتجه إلى اختيار المادة الإعلامية والتفاعل معها، وتعديل جدول موعد البرنامج كي يتلاءم مع المواعيد الشخصية. وفي الختام، سلم مدير الجمعية علي الغوينم المحاضر ومدير المحاضرة هديتين تذكاريتين.