في الوقت الذي يتزاحم فيه الناس مع قدوم شهر رمضان الكريم أمام المحلات التجارية لشراء المواد الغذائية وغيرها من المنتجات الاستهلاكية استعدادا لليالي شهر الصوم، هناك فئة في المجتمع حرمها الفقر من فرصة التسوق والتبضع، بسبب عدم توفر الدخل المادي الكافي الذي يسد حاجتها، وما يزيد من معاناة تلك الأسر أنها فضلت أن تكون ضمن "المتعففين" عن استقبال المساعدات من الجهات الخيرية خوفا من نظرة الناس والمجتمع مما يحول دون استفادتهم من خطط وبرامج الجهات الخيرية.

يقول مبارك علي: دخلي المادي دون المتوسط ولدي إعاقة حركية ومع ذلك لم أفكر يوما في التقدم إلى الجمعيات الخيرية لطلب المعونة خوفا من نظرات الشفقة والعطف من الناس، وتضيف محسنة الهمامي: دخلي الوحيد أنا وأولادي الصغار بعد وفاة زوجي ما يصرفه لنا الضمان الاجتماعي وأحاول جاهدة أن تقتصر احتياجاتي على الأشياء الضرورية حتى يكفينا هذا المبلغ الزهيد، ويمنع أيدينا عن طلب المساعدة، فيما تؤكد رحمة محمد أنها منذ سنوات تعيش مع بناتها على ما يمده بها أهل الخير من مؤن وطعام، وقال أحد المسنين "مشترطا عدم ذكر اسمه": ليس لي علم أين يقع مقر الجمعية الخيرية بنجران لأنني لم أحرص أبدا على السؤال عنه رغم الحالة المادية الصعبة التي أعيشها مع أسرتي, حيث أكتفي بما يقدمه لي أقاربي من معونات, وسوف يغضب مني أولادي وأقاربي لو استعنت بما تقدمه الجهات الخيرية من دعم.

الباحث الاجتماعي محمد السالم يعلق قائلا: غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار من أهم المعوقات التي تواجه الأسر ذوي الدخل المحدود، وربما تؤثر عليه بشكل سلبي مقارنة مع زيادة عدد أفراد الأسرة الواحدة , مشيرا إلى أن العادات الاجتماعية في مختلف مناطق المملكة, وما يعرف بـ"التعفف" قد تحول أحيانا دون استفادة بعض الأسر المحتاجة من جهود وخدمات الجهات الخيرية, من جهته يؤكد مدير المستودع الخيري بمحافظة شرورة حسن آل علوان رصد القائمين على المستودع لتلك الأسر المتعففة, ووضع الخطط اللازمة في شهر رمضان المبارك للوصول إلى تلك الأسر وتقديم الدعم لهم, دون جرح توجههم إلى عدم الإفصاح عنهم, وقال: بدأنا هذه الأيام في تنفيذ برنامج السلال الغذائية الرمضانية التي تحتوي على جميع الأصناف الأساسية كالأرز والسكر والدقيق والزيت, بالإضافة إلى الأصناف المفضلة لدى السعوديين في رمضان, وسوف يتم توزيعها على 700 أسرة بمعدل 5600 فرد, وأضاف: طوال أيام شهر الرحمة نقوم بتطبيق برنامج تفطير الأسر المتعففة, حيث يقوم المستودع بتفطير 200 أسرة يوميا بكل سرية وهذا ما يحفظ لهم الستر والعفة, ويتم تنفيذ هذا البرنامج بحضور رب الأسرة قبل أذان المغرب بنصف ساعة ويستلم الوجبات المخصصة له ولعائلته مغلفة وتحفظ ساخنة حتى وقت الإفطار, كما يقوم المستودع بدعم الأسر المنتجة خاصة الأرامل والمطلقات عن توفير المقادير لهم ثم يقوم بشراء ما ينتجون من سمبوسك ومعجنات وأصناف أخرى لتفطير الأسر الفقيرة.

ويرجع المتحدث الإعلامي بالجمعية الخيرية بمنطقة نجران محمد الشهري، أهم المعوقات التي يواجهها الفقراء, إلى تحفظهم على وضعهم كفئة محتاجة للمساعدة وبالتالي تواجه الجمعية صعوبة في إيصال المساعدات لهم وتعمل جاهدة على إيجادهم وإيصال المعونات بطريقة لا تحرجهم.