قرن من الزمان مر على إنشاء أول فرن للخبز الأسمر أو كما يقول عنه أهل البلد "العيش الحب"، فرن الشيخ الذي امتاز بالخبز المزين بالحبة السوداء ورشات من حبات الكروية حيث اعتاد على اقتنائه الصائمون قبل الافطار للاستمتاع بالأطباق الشعبية بجانب الخبز الأسمر على مائدة الإفطار.

وأصالة فرن الشيخ جعلته من الأفران المميزة في منطقة البلد التاريخية حيث ذاع صيته ليصل إلى شمال وجنوب المملكة، فزوار جدة من المدن المجاورة في الشهر الفضيل يبحثون جاهدين عن عنوان فرن الشيخ لتذوق الخبز الأسمر على موائد الإفطار.

يقول الخباز ومدير الفرن عمر محمد بارزيق الذي يعمل بالفرن منذ طفولته، إن هذا الفرن من الأفران القديمة والتاريخية حيث يقع بأطراف سوق الندى. وصاحب الفرن كان يلقب بشيخ الفرانة يوسف شكري واكتسب شهرته منذ العصر العثماني.

يتذكر بارزيق الأيام الأولى التي عمل بها بالفرن حينما كان يبلغ 8 سنوات؛ حيث كان يشاهد الجنود العثمانيين يأتون للفرن لشراء الخبز الأسمر وكذلك البشوات الذين يرسلون الصبيان للفرن لشراء الخبز ومع مرور الأعوام أصبح الفرن يكسب شهرة واسعة نتيجة التميز والجودة في تقديم الخبز الأسمر. ويضيف بارزيق "الآن أبلغ 77 عاما وما زالت أعمل في الفرن وأصبحت الوجه المعروف لدى كافة أطياف المجتمع. لدي زبائن من كافة المدن من جدة ومكة والمدينة والطائف والرياض"، موضحا أنه لديه طلبات خارجية يومية لأعيان البلد من رجال أعمال ومسؤولين يحرصون على حجز كميات من الخبز الأسمر خلال الشهر الفضيل ونلبي جميع الطلبات.

وأضاف: يبدأ العمل اليومي الساعة 8 صباحا في شهر رمضان؛ حيث نقوم بتجهيز العجين من الدقيق الأسمر الذي نقوم بشرائه من تجار معروفين وبعد تجهيزه حتى يخمر العجين ويصبح جاهزا للخبز استعدادا لدخوله للفرن حيث نذهب لأداء صلاة الظهر ثم يقوم العمال بخبز العجين وتسخين الفرن والبدء في إدخاله للفرن حتى يحمر لونه ويتم بيعه على الزبائن المنتظرين من أوقات مبكرة للحصول على أرغفة من الخبز الأسمر. ويضيف قائلا: لدينا خلطة سرية لا نريد البوح بها، معتبرا أن هذه الخلطة أحد أسباب تميز خبز فرن الشيخ، موضحا أن دخول الآلات الحديثة في العجن سهلت علينا إنتاج أكبر كمية من الخبز لتغطية كافة الطلبات حيث يتم يوميا في شهر رمضان إنتاج 4 آلاف رغيف يوميا ويباع الرغيف الواحد بريال، موضحا: كنا سابقا نتلقى طلبات ربات البيوت في إدخال صينيات السمك أو الصيادية أو المطفي، حتى تنضج في الفرن بمبلغ بسيط لا يتعدى القروش وتستغرق نضج الصينية الواحدة نصف ساعة فكنت أشعر بسعادة حينما أساعد ربات البيوت في نضج الصواني المختلفة خلال شهر الفضيل، وفي السابق لم يكن هناك أفران بداخل البيوت لدى الأسر مما يدفعهم للاستفادة من الفرن في نضج بعض الأكلات الشعبية. ويتذكر بارزيق العمل في مجال الأفران، حيث يقول: العمل في هذا المجال يحتاج لمشقة وجهد بينما نجد أن كثيرا من الشباب الحالي لا يرغب بالعمل في هذا المجال، معتبرا أن العمل في الأفران من الأعمال الشريفة لكسب المال.