يحيى عمر آل زايد


جميلة هي اللحظات التي تقضيها مع أناس يشاركونك مجالا واحدا، أنا لست سوى طالب، ولكنني أحببت ما أنا فيه من كفاح وصبر، أحببت كوني شخصا يتعلم وينهل من مجالات عدة، طلبني شخص أن أكتب عن تجربتي في التعليم العالي والثانوي، لأهمية الموضوع وكونه مفيدا للطلاب المستجدين على التعليم العالي، فلنتفق على أنني سأتحدث وأقارن بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي لا عن تخصص معين، تلك الأيام ما زالت تنبض في قلبي كحياة تُكتب وتفرح!، تعلمت من كوني جامعيا أنني سأظل طالبا مهما طال بي الزمن، فالعلم لا يتوقف بل يزدهر ويتطور نحو الأفضل، فالقطار يتحرك ولن نستطيع أن نوقفه، وأنا في محطتي أنتظر قطاري مع كتابي لأستفيد حتى يأتي دوري في قطار الحياة، ولكن سأتنبه لنقطة وهي تجنب الانغماس في التعلم وإهمال القطار.

عندما تحدقون بي طالبين التحدث عن الأفضل بالتأكيد فالتعليم الجامعي _ العالي _ أفضل لعدة أمور منها الرغبة في أن تصبح شيئا معينا، والاعتماد على النفس، لتتطور وتستزيد من مراجع وتتقن ما أنت فيه، فيه يتكون النضج الفكري والطموح، الثانوية غمامة "ودربكة" قرارات، وتوهان للإدارة وللطالب، كسحابة لا هي أعطتنا المطر ولا هي ذهبت! ولكنها جميلة، وبعكسها في الجامعة خطة معتمدة صارمة، محددة للعام بأكمله، من يريد الاستمرار فيها فليجتهد ومن لم يرد فليؤجل أو يحذف، لك أنت الخيار ومن الجيد أن أملك خياراتي لا أن تُملى علي قراراتي! أتذكر أيام المرحلة الثانوية عندما كنا نجتمع أنا وأصدقائي قبل بداية أي حصة أو (الفسحة) ونتحدث عن أمور مراهقة تكاد تكون سخيفة، ولكن الآن نجتمع قبل المحاضرة أو بعدها نتناقش في شيء محدد ونحاول تخمين بعض الأمور محاولين تفسير أشياء طبية وتعليمية، لاحظوا الفرق بين هؤلاء الطلاب، أين كانوا وأين صاروا، نحن من نطور أنفسنا، ومن نختار مستقبلنا فلنحسن الاختيار.

أستمتع بوجود من يشاطرني الرأي في شيء معين نتناقش حوله ونخرج بفائدة لا تنسى، عندما تتناقش مع صديقك في شيء معين ثم تعرف الإجابة الصحيحة والتفسير العلمي لن تنساه أبدا بعكس المذاكرة العادية!، نحن كطلاب كنا في الثانوية لا نريد الاجتهاد، أليس الإنسان يولد جاهلا؟ كيف قرأ وتعلم؟ كل شيء بالتدرج، ستتعجبون لقدرة العقل البشري على الاستيعاب، بالماضي كنا نستشعر الصعوبة في (أ، ب، ت...) ثم تطورنا واستشعرنا الصعوبة في اللغة الإنجليزية، ثم ذهبنا للثانوية وتكاسلنا عن دراسة كتاب واحد فقط لكل مادة طوال الفصل الدراسي، ولا زلنا نطور عقولنا على التكيف لا إراديا. عندما أتعلم وأعرف طريقة عمل شيء جديد، أو تفسيرا لظاهرة، أتعجب وأشكر الله على تلك النعمة التي لا يعيرها البعض أي اهتمام، نعمة العقل والفكر والتأمل، أغلبنا لا يعرف عن الجسم البشري شيئا ولكن نحمد الله ونشكره على ما أعطانا إياه، وهذه فائدة قوية زيادة الارتباط بالله مع التعمق في دراسة الجسد البشري بالتفاصيل، بخلاف الثانوية حيث تُنفى التفاصيل وتبقى الأساسيات وربما حذفت الأساسيات أيضا، ليكن همنا الأول عبادة الله، فعندما نخلص عملنا لله، صدقوني سنأخذ الأجر على ذلك، وليكن الوطن همنا ثانيا، أن نرتقي به، لنتنفس معا، فالوطن باق، ونحن زائلون، ولنضع نصب أعيننا هدفا معينا، بثقة، وأن نبلغه مهما طال بنا الزمن، وأن نحاول أن نجد متعة فيما نفعل وإلا لن نتطور بدراستنا وتبقى الثانوية محطة توجيه لا أكثر، من اجتهد فيها بدأ المسير، هكذا علمتني الحياة، وعلمتني الجامعة.