قال نائب رئيس لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة في مجلس الشورى ووكيل وزارة المياه والكهرباء لشؤون المياه سابقاً الدكتور علي الطخيس في تصريح لـ"الوطن"، إن عدم صدور الاستراتيجية الوطنية للمياه حتى الآن أمر مؤسف ومدعاة للاستغراب، مشيراً إلى أن هذه الاستراتيجية لم تصدر بعد ولم يتم إقرارها كونها لم تنته بعد, وهذا شيء يثير الاستغراب، فكيف لاستراتيجية مهمة أن تأخذ أكثر من 10 سنوات لإعدادها، في الوقت الذي تتناقص فيه مصادر المياه الجوفية وخاصة المياه "غير المتجددة"؟

وأضاف الطخيس "نحن أمام مورد مائي يتناقص، ولم نتمكن من عمل شيء، وسبق أن صدر قرار تخفيض إنتاج القمح الذي كان يهدف في الأساس للحافظ على مصادر المياه الجوفية غير المتجددة، وتحول المزارعون تدريجيا بعد هذا القرار إلى زراعة الأعلاف التي تستهلك المياه غير المتجددة على مدار العام، موضحاً أن هكتار الأعلاف يستهلك من المياه أكثر من استهلاك القمح بثلاث مرات".

وحول جدوى رفع الدعم عن فاتورة المياه وإن كان سيسهم في الحد من استهلاك المياه في المملكة، بين الطخيس أن الدولة تدعم قطاع المياه البلدية بشكل كبير قد يصل لأكثر من 90%، ويلاحظ أن التعرفة المطبقة حاليا متدنية جدا، حيث تبدأ التعرفة بـ10 هللات للمتر المكعب الواحد، في الوقت الذي تباع فيه علبة المشروب الغازي بـ1,5 ريال، فالتعرفة الحالية لا تشجع على الترشيد، مبيناً أن الاستمرار على هذه التعرفة سيكون مشجعا على الهدر، ما يتطلب إعادة النظر في التعرفة الحالية وتغييرها ليشعر الناس بأهمية المياه، مع طرح موضوع ذوي الدخل المنخفض وتأثرهم في حال رفع التعرفة وغير ذلك من التساؤلات، ويجب أن لا يكون رفع تعرفة المياه عائقا أمام اتخاذ قرار استراتيجي يهدف إلى ترشيد مياه الشرب والمحافظة عليها".

وبشأن ضرورة إيجاد خزن استراتيجي للمياه في المملكة، إضافة إلى الاستفادة من مياه الأمطار في هذا الخزن وفي المياه الجوفية، بين الطخيس أن مفهوم وتعريف الخزن الاستراتيجي للمياه يختلف من دولة لأخرى ومن موقع لآخر، وقد يعنِي الخزن الاستراتيجي تخصيص طبقة مائية يتم تحديدها بعد دراسات هيدروجيولوجية مفصلة لاستخدامها مستقبلا، ويتم تغذيتها إما بحقن المياه النقية النظيفة الصالحة للشرب على أن تستخدم مياه هذه الطبقة عند الحاجة، كما أن إنشاء خزانات استراتيجية في المدن يعد من أنواع الخزن الاستراتيجي، الذي تطبقه وزارة المياه والكهرباء، حيث تم ويتم بناء خزانات استراتيجية في المدن الرئيسة لمواجهة الحاجة لمياه الشرب وقت الأزمات، كما وليستفاد من مياه الأمطار من خلال السدود لحجز مياه السيول ومن ثم الاستفادة منها لتوفير جزء من احتياجات مياه الشرب أو لتغذية الطبقات الوديانية المغذية لآبار المزارعين، فيما يذهب جزء منها لتغذية المياه الجوفية، ولا يستفاد منها في ضخها لطبقات المياه الجوفية.

وأكد الطخيس على ضرورة إدراك أن الخزن الاستراتيجي للمياه يتطلب معرفة وقت الحاجة له وتوفيره للحالات الطارئة، وتتثمل فوائدها في حال توقفت مشاريع المياه عن الإنتاج لأي سبب كان، وفي هذه الحالة يجب أن نغير من نمط استهلاكنا الروتيني إلى "مقنن"، بحيث نستفيذ من الخزن المائي لأطول فترة زمنية ممكنة.

وزاد الطخيس "الربط لكافة الخدمات بين دول الخليج مطلب حيوي، إذ تم مؤخرا الانتهاء من عمليات الربط الكهربائي التي أثبتت فعاليتها حسب النتائج الأولية، وفيما يتعلق بالربط المائي فالموضوع مختلف لمحدودية مصادر المياه التقليدية "السطحية والجوفية" وتباينها بين دول الخليج, حيث تلعب الظروف السياسية والبيئية أيضا دورا هاما في تحديد مكان ونوع المصدر المائي"، موضحاً أن الربط المائي الخليجي موضوع مهم ويجب تحديد الهدف الرئيس منه، إما لمواجهة حالات الطوارئ فقط، أو لتوفير الحاجة اليومية لدول المجلس من مياه الشرب، إضافة إلى ضرورة تحديد تعرفة فاتورة الربط المائي الخليجي، وهي مجموعة من التساؤلات جديرة بالدراسة المتعمقة، كون تحلية مياه البحر ستكون المصدر الوحيد للربط المائي.

وأضاف "أقترح على العاملين في موضوع دراسة الربط المائي الخليجي الأخذ بالاعتبار أن يتم إنشاء ما لا يقل عن ثلاث محطات تحلية في مواقع مختلفة، وبسعة مليون متر مكعب يوميا، وأن لا يكون الخوف والحذر من صعوبة بناء المزيد من محطات تحلية على الخليج العربي نتيجة ما تعيشه المنطقة من ظروف سياسية وبيئية هو العامل الوحيد والمؤثر على اتخاذ أي قرار، فقد سبق أن مرت منطقة الخليج العربي خلال العقود الثلاثة الماضية بظروف صعبة ومعقدة مرت بسلام، ولا نود أن نخطط لمشروع ربط مائي تكون فاتورته مرتفعة جدا لا تعادل الاستفادة منه نتيجة توقعات مستقبلية مفرطة في التشاؤم، وإذا تقرر المضي في تنفيذ مشروع ربط مائي فأقترح أن يتم الاستفادة من المحطات القائمة في دول المجلس من خلال زيادة طاقاتها وربطها بشبكة مشتركة من الأنابيب، وتقدير التكاليف الرأسمالية وتكاليف برامج التشغيل والصيانة، إلى جانب تحديد عمر زمني للمشروع وتوضيح التكاليف على مدى العقود المقبلة، ووضع سيناريوهات للأوضاع الاقتصادية المستقبلية لدول المجلس، والتساؤل هل بالإمكان الاستمرار في تشغيل مثل هذا المشروع في أسوأ السيناريوهات, حتى وإن تم التعامل مع الموضوع على أسس اقتصادية توازن بين التكلفة والدخل المتوقع.وأشارالمتخصص في جيولوجيا المياه الدكتور عبدالعزيز البسام في تصريح لـ"الوطن" أن تخفيف الدعم للمياه يكون عن طريق الشرائح، وهو مقترح يناسب ذوي الدخل المنخفض بدون إزالة لهذا الدعم، وأن تكون كل كمية استهلاك للمياه ضمن شريحة محددة وبسعر معين، مبيناً أن ذلك سيخفض من استهلاك الفرد للمياه لأنه بكل زيادة للاستهلاك تزيد المبالغ المدفوعة ويكون الدعم بذلك تدريجيا، وأشار البسام إلى أنه من المحتمل أن يكون مقترح "الشرائح" يخضع لدراسات من قبل وزارة المياه والكهرباء لفهم آليات تطبيقه، مشيرا إلى أن مياه الأمطار والصرف الصحي المنقاة تعتبر مصدرا مهما للمياه، وهناك مشاريع يعمل عليها معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه للاستفادة من مياه الأمطار وتحويرها لتغذية الخزانات الجوفية.

وبين البسام أن أكثر من 80% من المياه المستهلكة تكون في القطاع الزراعي، إذ يشكل القطاع الحضري 15 % "الحكومي والأهلي" من استهلاك المملكة كاملاً، مبينا أن استهلاك الفرد للمياه في المملكة يتراوح بين 280- 300 لتر من المياه بحسب إحصائية وزارة المياه والكهرباء، موضحاً أن تسريع الانتهاء من المشاريع المتعلقة بالمياه بمواصفات عالية والتقليل من نسبة التعثر فيها سيكون لهما الأثر الإيجابي على التنمية.