نشرت "الوطن" قبل أول من أمس، خبرا صادما في الحقيقة، جعلني أظن أن هناك من يعتقد نفسه يعيش في "طالبان" أو أنه متأثر بتلك المقاطع التي ينشرها الإرهابيون في سورية، وكيفية تنفيذ الشريعة وفق المنهج الإرهابي، والمأساة أنه ناتج حتما عن شباب تعلم في مدارسنا وعلى مناهجنا وإعلامنا، وليس تفكير جهلاء يعيشون خارج الزمن وأدوات الحضارة!.

إذ أفاد الخبر أن مجموعة من الشباب في محافظة "شرورة" بمنطقة نجران، أطلقوا على أنفسهم "شباب الهمة"، أثاروا الذعر والخوف بين نساء المنطقة عبر تهديداتهم ورسائلهم، بزعمهم أنهم مجموعة ستعمل على ضبط الاحتشام في الأسواق، وضرب من تخرج متبرجة أو دون محرمها ولا تنصاع لأوامرهم بالعصا أي "الخيزران" في أي مكان!. هكذا بكل بساطة! يريد هؤلاء أن يعودوا بنا إلى نظام ما قبل الدولة، بل إلى نظام "الأبضايات" ويبدو أنهم متأثرون بتفكير عصابات التطرف في "الرقة" وغيرها، وما يشاهدونه في مقاطع اليوتيوب!، فمن يهدد النساء بالضرب بحجة فرض الاحتشام وفق تصورهم النمطي له، غدا سنسمع بهم يقطعون رؤوس الناس ويجلدونهم بحجج فرض الشريعة التي تطرفوا فيها!.

وبصدق، هل يعقل فعلا أن لدينا من الشباب من يفكر تفكيرا يعتقد به أنه في زمن ما قبل الدولة؟! أيظن هؤلاء أنهم يعيشون في مجتمع لا مؤسسات فيه، ولا قوانين، ولا شرطة تردع هكذا أفعال عشوائية وطائشة وتتعدى على الآخرين وحرياتهم؟! أين يعيشون، وفي أي عصر يظنون أنفسهم؟! ثم كيف يفكرون بفعل ذلك في ظل وجود جهود جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي الجهة الوحيدة كمؤسسة حكومية دينية المخولة لضبط الآداب في الأماكن العامة؟.

والهيئة في منطقة نجران بدورها نفت في الخبر أي علاقة لها بهذه المجموعة الاحتسابية، وأوضحت أن من يتم التعرض لهم منهم عليهم الإبلاغ عنه، ورجال الهيئة فعليا كما ورد في الخبر بدؤوا بملاحقتهم، ولكن في حقيقة الأمر هؤلاء الشباب الذين يبدو على فعلهم عدم الاعتراف بهيبة الدولة ومؤسساتها، يحتاجون إلى ملاحقة رجال الأمن "الشرطة" وليس ملاحقة رجال الهيئة؛ لأن ضرب الناس وتهديدهم في الشارع والأسواق والتعدي على حرية الآمنين بحجة سن قوانين فردية، جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون وليس مجرد مناصحة من جهة ما!، ثم إن هؤلاء بفعلهم هذا الذي يظهر عدم اعتقادهم بمؤسسات الدولة، إنما هم نواة إن سُكت عنها ستكون خلية تهدد حياة الناس بالإرهاب، ولهذا أستغرب عدم القبض عليهم حتى الآن والتحقيق معهم من قبل شرطة المنطقة، وإن لم يحصل ذلك، فمثل هذا الفعل الذي يهدد الآمنين في المجتمع سيخرج لنا في مناطق أخرى وربما أشد تطرفا، وسيتجاوز الأمر من ضرب النساء إلى أمور أخرى أشد عدائية!، ولن نستغرب بعدها أن تخرج علينا جماعة مثل "بوكو حرام" تهدد بخطف النساء المتبرجات وبيعهن بين بعضهم بعضا! فكما يقول القائل: "معظم النار من مستصغر الشرر"!.