بداية لا علاقة لي مطلقا بالكتابة في المجال الرياضي، ولكن برنامج "أمير الكرة" الذي اختتمت آخر حلقاته الأربعاء الماضي على قناة روتانا خليجية بقيادة الزميل المبدع "مهند أبو عبيد" هو ما دفعني للكتابة في هذا الشأن. في فاصل زمني مدته ثلاثة أشهر نجحت ثلاثة مواهب من بين 700 لاعب في الصعود لمنصة التتويج، حيث حاز النجم الصغير منذر دخيل لولو "16 سنة" على لقب "أمير الكرة" بكل جدارة والذي سيلتحق بأكاديمية نادي ليفربول الإنجليزي في أواخر يونيو من العام الحالي 2014م لمدة سنة، بينما حل ثانيا النجم فارس الحازمي والنجم عبدالرحمن الشريف في المركز الثالث، وأعلن الجهاز الفني للمسابقة المدرب الايرلندي "ستيف ستوتن" المدرب بأكاديمية نادي ليفربول الإنجليزي والمدرب السعودي "علي كميخ" بضم الحازمي والشريف إلى أكاديمية نادي ليفربول لمدة شهر واحد.

برنامج "أمير الكرة" أسس عمليا لمرحلة جديدة ولمبدأ هام لطالما كان غائبا عند الكثيرين، وهو ما أسميه الصناعة في رياضة كرة القدم، وإلا فما هي الجدوى التي تحصل عليها الأندية الرياضية في اندفاعها العاطفي واللاعقلاني خلف اللاعب الجاهز والمحترف الأجنبي وتركها العمل من الأساس لتفعيل الرسالة الحقيقية في بناء البطل وصناعة النجم المحلي؟ فأي رياضة هذه التي نعيشها؟.

أقولها بكل صراحة إنها أشبه بعملية سمسرة في عملية دوران أفقي بين مجموعة من اللاعبين في الأندية المحلية ينتقل فيها اللاعب الواحد مرتين خلال الموسم بأرقام فلكية يمكن أن يتم تصنيفهم في أحسن الأحوال في خانة العادي جداً، كونهم غير قادرين حتى على قيادة منتخب بلادهم تجاه تحقيق إنجاز يرفع رأس الوطن عالياً، وإلا فهل يعقل أن لاعبا سعوديا يلعب في الدوري ويصنف منتخبه في المركز الـ90 عالمياً ينتقل من فريقه إلى فريق آخر في نفس الدولة وبنفس القيمة التي تدفعها أندية أوروبية للاعبين محترفين يحققون إنجازات رياضية على مستوى العالم؟

والمراقب يلاحظ بتجرد أن هذه الأموال لو أنفقت على فرق الفئات العمرية وفق استراتيجية بعيدة المدى لأصبحنا من أقوى المنتخبات وسندخل العالمية من أوسع أبوابها إلا أن ما نشهده على مستوى الرياضة هو عملية تبذير للمال العام وعملية فوضى على مستوى بناء اللاعب.

قرأت قبل أيام قصة كانت في الخمسينات عن عاملة نظافة في إحدى الدول الأوروبية، والتي كانت تنظف أروقة ناد عريق وكانت تشاهد الفريق وهو يتدرب وكانت دائما تقول لهم إن ابني الصغير سيصبح سيدكم جميعا، تحدثت هذه العاملة مع أحد المسؤولين في النادي ورضي بأن يشاهد ابنها وهو يلعب فأعجب به وقرر أن يدخله الأكاديمية. هذا اللاعب أصبح فيما بعد ملك الكرة بعد بيليه، وأطلقت عليه الكثير من الألقاب، وقاد هذا النادي لثلاثة ألقاب أوروبية، وحصل على لقب أفضل لاعب في أوروبا ثلاث مرات، ذلك النجم هو "كرويف" في أكاديمية "أجاكس" التي صنعت "فان باستن وبيركامب وريكارد"، ثم جاءت أكاديمية البرشا "لا ماسيا"، وهي التي لم تتوقف عاماً واحداً عن مد أندية كرة القدم بالنجوم والمواهب الفذة والأرقام القياسية التي حققتها مؤخراً هي حديث كل العالم وما حوته تشكيلة المنتخب الإسباني من 9 لاعبين من خريجي الأكاديمية.

سؤالي للمسؤول الأول في رعاية الشباب: هل يوجد لدينا أكاديميات حقيقية في المملكة؟ وإذا وجدت فما هو مستوى الإنفاق عليها؟ إن أكاديمياتنا هي مبادرة مجموعة من المتطوعين يجمعون لاعبي الحواري ويأخذون منهم مبالغ بسيطة لاستئجار ملعب، ولشراء ملابس، هل هذه هي الأكاديميات؟ ثم ما هي مسؤولية الأندية المحلية في ذلك؟ ما أردت إيصاله أن عالم كرة القدم اليوم هو عالم الأكاديميات الكروية المحترفة والمجهزة على مستوى عال جدا، فهي الكفيلة بنقلنا للعالمية.

أخيرا، أتمنى التوفيق لأمير الكرة "منذر لولو"، ونحن بانتظار توقيع عقدك الاحترافي مع نادي ليفربول الإنجليزي.