- لم يستغل الفرصة ليتبجح ويرد الصاع صاعين للثيران.

- ولم يشر بيده بخماسية مستفزا الإسبان.

- ولم يصرخ بنشوة (كليناااااااااهم)..!!

- ولم يقل: كنا الأجدر والأحق منهم قبل أربع سنوات بكأس العالم ولكنهم (سرقوا) منا البطولة بمساعدة تحكيمية.

- ولم يردد: نحن الطواحين ولأننا كذلك فإنه يحق لنا أن نهتف: (إذا دارت رحانا مع رحاهم/ طحناهم وكنّا الطاحنينا).

- لم يفعل كل ذلك.. ولكنه فرح (بعقل) وتحدث (بحكمة).. وتفاءل (بحذر) فلفت انتباهي كثيراً وأظن أنه فعل مع الكثيرين من الذين تابعوه.

- أتحدث عن (رود خوليت) نجم منتخب هولندا السابق والمحلل الحالي لقنوات بي ان سبورت الرياضية الذي كان موجوداً في الأستديو التحليلي بعد فوز منتخب بلاده في مباراته الافتتاحية على أبطال العالم بخماسية كانت قابلة للزيادة.

- كان فوزاً تاريخياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى وأعرف أشخاصاً فرحوا به أكثر من الهولنديين أنفسهم (نكاية بالإسبان)، ولكن تعليق هذا المحلل الهولندي والنجم السابق كان فعلاً (غييييييير).

- قال (خوليت) جملة بليغة جداً وهو في قمة ونشوة الفرح تدل على عقلية مختلفة جداً عن عقليتنا الآنية بخلاف عقليتهم التي تفكر بعيداً وتقيس الأمور جيداً.

- كانت تلك الجملة عبارة عن تساؤل قال فيه: (هل وصلنا إلى الذروة في الوقت الخطأ)..؟!

- يا لها من جملة عميقة جداً تثبت أن الفارق بيننا وبينهم كبير جداً.

- استطرد شارحاً تساؤله: في كأس العالم يجب أن يكون مستواك تصاعدياً وتصل للقمة والذروة في ختام المشوار وليس في بدايته.. في المونديال الماضي في جنوب أفريقيا بدأت ألمانيا البطولة بشكل قوي جداً وفازت على أستراليا بأربعة أهداف ثم في دور الـ16 فازت على إنجلترا برباعية ثانية لتتأهل لدور الـ8 وتهزم الأرجنتين برباعية ثالثة، وظن الجميع حينها أنها ستكتسح الكل ولن يقف في طريقها أحد ولكنها خسرت وخرجت بعد ذلك على يد إسبانيا.

- تخوف (رود خوليت) ذكرني ببيت الشعر الشهير: (إذا تَمَّ شيءٌ بدا نقصه .... ترقب زوالاً إذا قيل تَم)

- وقد كان هذا ما يخاف ويخشى منه النجم الهولندي الشهير الذي يعتبر أحد أفضل لاعبي هولندا على مر التاريخ، ويكفي أنه قد حصل على جائزة أفضل لاعب في أوروبا عام 1987 كما حصل على جائزة أفضل لاعب في العالم وقتها أيضاً.

- هذا التفكير المنطقي والخوف من بلوغ الذروة في التوقيت الخاطئ ينم عن احترافية كبيرة يجب أن نستفيد ونتعلم منها في رياضتنا، وهو التفكير الواقعي الذي يبقي قدميك على الأرض مهما كان حجم إنجازك دون أن (تطير في العجة) وتصدق (المطبلين) من حولك، الذين يبنون لك صرحاً من الخيال لا يصمد أمام واقع ولا يقودك لمستقبل.

- هكذا وصلوا إلى القمة في حين ما زلنا نبحث عنها دون جدوى.

- (ناس فاهمة).. و(ناس واهمة)..!!