بعد 4 سنوات من فضيحة فرنسا في جنوب أفريقيا عندما أضرب لاعبوها، هاهي تخوض مونديال 2014 بطموحات حذرة لكن مع نية استعادة ثقة جمهورها وبناء تشكيلة تمهد الطريق قبل كأس أوروبا 2016 التي تستضيفها على أرضها.

فتحت فرنسا صفحة جديدة عندما سمت "ديدييه ديشان" مدربا عام 2012 خلفا للوران بلان.

لم تعد فرنسا ذاك الفريق المرعب الذي ضم زين الدين زيدان، تييري هنري، وديشان، ودافيد تريزيجيه، ولوران بلان ومارسيل دوسايي وليليان تورام وغيرهم من تشكيلة "إيميه جاكيه"، التي أحرزت مونديال 1998 على حساب البرازيل بثلاثية تاريخية، ثم توجت بلقب أوروبا 2000، فتراجع تصنيفها الدولي إلى المركز 16.

لكن ديشان استطاع استدعاء تشكيلة متوازنة بين النجوم على غرار فرانك ريبيري (بايرن ميونيخ الألماني)، وكريم بنزيمة (ريال مدريد الإسباني)، وبعض الوجوه الشابة القادرة على منحه السرعة والنشاط، وأن تكون معه نواة الفريق الذي سيشارك في البطولة القارية المقبلة على أرضه.

جيل 1993

استفاد "دي دي" من جيل 1993 بطل العالم تحت 20 سنة والفريق الأولمبي، فظهرت أسماء جديدة على الساحة، على غرار لاعب الوسط بول بوجبا نجم يوفنتوس الإيطالي الصاعد بسرعة الصاروخ، لوكاس ديني (باريس سان جرمان)، أنطوان جريزمان (ريال سوسييداد الإسباني)، كليمان غرونييه (ليون) والياكيم مانجالا (بورتو البرتغالي)، وقلب الدفاع مامادو ساخو (ليفربول الإنجليزي).

يعلق ديشان على تشكيلته: "سنحاول تقديم أفضل كأس ممكنة، لكن تواجدي في هذا المنصب يجبرني على التفكير بما قد يحصل في 2016".

لم يكن هامش الخطأ واردا في التصفيات بعد أن وقعت مع إسبانيا حاملة اللقب وضمن مجموعة من 5 منتخبات، فانزلقت مرة واحدة أمام "لاروخا"، لكنها كانت كافية لفقدان الصدارة والبطاقة المباشرة.

تجاوزت الملحق بمعجزة، بعد سقوطها أمام أوكرانيا ذهابا بهدفين، فقدمت أداءً رائعاً وملتهباً إيابا (3-صفر) لتبلغ النهائيات مرة ثانية على التوالي من باب الملحق.

لم ينفك نجم المنتخب السابق ورئيس الاتحاد الأوروبي الحالي "ميشال بلاتيني" عن القول: "إن الحظ رافق ديشان طوال حياته المهنية، فقد عرف كيف يدير لاعبيه من دون أي شائبة ولديه حس تكتيكي خارق".

في البرازيل 2014، وقعت بطلة أوروبا 1984 في مجموعة بالغة السهولة على الورق مع سويسرا، الإكوادور وهندوراس، وبحال صدارتها يتوقع أن يكون مشوارها في الدور الثاني أسهل حيث تواجه وصيف المجموعة الخامسة التي تضم الأرجنتين والبوسنة والهرسك وإيران ونيجيريا.

المدرب دي دي

قائد مجموعة، عامل لا يكل، وتكتيكي من الدرجة الأولى، هكذا يمكن اختصار ديدييه ديشان مدرب منتخب فرنسا بعد 20 سنة من عطاءات جعلته يجسد "ثقافة الفوز" بالإضافة إلى أن الحظ يكون إلى جانبه دوما مع منتخب الديوك.

في نوفمبر الماضي، كادت مغامرة الرجل الذي وصف بـ"والد انتصار 1998" تنتهي بعد خسارة ذهاب الملحق أمام أوكرانيا صفر-2، لكن ابن الـ45 نجح في لملمة جراح فريقه وضرب بقوة إيابا بمساعدة من هدفي المدافع ساخو، ذكرا بهدفي "تورام" في نصف نهائي مونديال 1998 أمام كرواتيا.بعد تحقيق التعادل على أرض إسبانيا بطلة العالم في أكتوبر 2012 بهدف قاتل من أوليفييه جيرو، قال عنه بلاتيني: "نابوليون كان يقول إنك بحاجة لجنود جيدين وللحظ كي تنتصر بالمعارك. وديدييه هكذا". لكن من المجحف إلصاق الحظ بمسيرة القائد الفرنسي الوحيد الذي رفع كأس العالم بعد مسيرة رائعة بدأها بعمر الـ17 مع "نانت" وأحرز خلالها لقب الدوري المحلي مرتين مع مرسيليا، ودوري أبطال أوروبا 1993، ثم الدوري الإيطالي 3 مرات مع "يوفنتوس"، ودوري أبطال أوروبا 1996، ثم كأس إنجلترا مع تشلسي في 2000، ووصافة دوري الأبطال مع "فالنسيا" في 2001، قبل أن يستهل مشواره التدريبي مع "موناكو" ويقوده إلى وصافة دوري أبطال أوروبا 2004، ثم ينتشل يوفنتوس من محنته بعد إسقاطه إلى الدرجة الثانية (2007)، ويمنح مرسيليا لقبه الأول في الدوري بعد 18 سنة من الفشل (2010).

ريبيري النجم

بعد سقوطه في معركة الكرة الذهبية الأخيرة مع البرتغالي "كريستيانو رونالدو" والأرجنتيني "ليونيل ميسي"، ظهر تأثر فرانك ريبيري نفسيا من خلال تراجع أدائه على أرض الملعب، لكنه يبقى العلامة الفارقة في المنتخب الأزرق. قدم "ريبيري" موسما رائعا في 2013 حيث ساهم في منح بايرن ميونيخ ثلاثية تاريخية، وتابع مشواره الناجح هذا الموسم محليا، لكن مع خروج بايرن المؤلم أمام ريال مدريد الإسباني من دوري الأبطال وحسم الفريق البافاري البوندسليجا مبكرا، لم يعد "فرانكي" الجناح المتوهج، فبدا ابن الـ31 ظلا للاعب ألهب عشاق المستديرة في آخر سنتين.