لا أعلم لماذا غضبت هيئة الطيران المدني من تصنيف مطار جدة على أنه ثاني أسوأ مطار في العالم. لم تكن تحتاج إلى الشكوى والتذمر، فقط كل ما كانت تحتاجه قبل هذا التصنيف أن تتطلع على كل ما كتب أو صرح به عن هذا المطار الذي يخدم أكبر وأهم مدينة في العالم، من حيث الزوار والحجاج.

كنا نتمنى لو أنهم أدركوا هذا الأمر بأنفسهم ومن خلال الحال المتردية لهذا المطار، سواء خدمات، أو تعاملات، وأصدقهم القول إنه المطار الذي لا تضمن فيه حجزك أو موعد وصولك وإقلاعك، وعليه فإن غضب الهيئة يقودنا إلى أن نطلب منهم مشكورين بأن يجيبونا هم أين يضعون مطار جدة بين مطارات المنطقة وليس العالم؟ في أي مرتبة هو؟! ليقنعونا هم أولا، وإذا استطاعوا فعل ذلك فسنشاركهم الاحتجاج على أولئك المصنّفِين، بل سنزيد أن نرفع عقيرتنا بالدعاء بالويل والثبور عليهم.

مشكلتنا أننا لا نعترف بأخطائنا أبدا، لذا ظلت حالنا على ما هي عليه من ضعف أداء، وتراجع مخيف حتى في التعامل والخدمات. ورغم الشكاوى المتكررة إلا أنه "لا صدى يوصل"، حتى إن كثيرين توقعوا أن ينتقل سوء العمل إلى المطار الجديد في جدة، لا سيما أن الجهة المعنية بالعمل ترى أنها لا تخطئ وعلى الآخرين أن يتكيفوا مع حالها التي لا تسر، وفي ظل أنها هي من سيقود العمل بالمطار الجديد بالأفكار القديمة والقيادات نفسها.

هنا نعترف أن تحسنا قد طرأ على مواعيد الرحلات في مطار جدة وغيرها، لكن نريد البيئة المصاحبة لذلك وأهمها الخدمات والتعامل في المطار، وأيضا تم العمل على تحسين خدمات موظفي الجوازات ولمسنا ذلك جليا، بعد أن كان بعضهم يمثل واجهة غير جيدة للبلد من خلال سوء تعامله مع القادمين أو المغادرين، سعوديين وغيرهم.

السادة هيئة الطيران المدني نحن منتمون لهذا البلاد ويهمنا أمران اثنان: أولهما أن يحظى الجميع بالخدمات والتعامل المستحقين، وثانيهما أن تحفظ مؤسساتنا لبلادنا سمعتها بعد أن بتنا محل تندر من خلال المراتب المتأخرة التي أخجلتنا ولم تُقنع الهيئة المسؤولة.. ولا أعتقد أن أسلوب النفي والهروب من مواجهة الحقيقة هو من يحسّن من عملكم، لأن الكل يدرك ماهية العمل المقدم وبإمكانه أن يقارنه مع ما يقدمه الآخرون ليكتشف وكأننا من دول العالم الخامس، والأمر ليس من ضعف إمكانات وموارد، بل من جراء عمل إداري بيروقراطي لا يقتنع إلا بما يراه هو، ولم يدرك أن الآخرين من حولنا وحتى من دول أقل إمكانات وموارد، قد باتوا متفوقين في الخدمات الخاصة برحلات الطيران مطارات وطائرات.. وهنا فتش عن الإدارة.

لن نستفيض أكثر لكن نتمنى ألا تكون هيئتنا مثل ذلك القروي الذي لا يقتنع إلا بما يتصور ويرى هو، حينما راهن على أن الطائرة الرابضة ليست إلا عنز كبيرة، وحينما طارت، شدد على أنها عنز ولو طارت! فمطار قبلة المسلمين يحتاج إلى خدمات أفضل، وقيادة واعية مدركة لنواحي القصور وسبل علاجها، والأهم ذات شفافية أكبر، لا مكابرين لا يريدوننا أن نرى إلا ما يرون!