حتى مع قواعد اللغة يبدو أننا ما زلنا في المربع الأول من الدرس. ابتدأت مراهقة القراءة ومتابعة الفعل التنموي الوطني عندما كانت أفعال التفضيل على شاكلة (أفضل) هي المقياس.

قبل 30 سنة فيما أتذكر كان لدينا كما يقال أكبر مطار بالعالم، ثم اكتشفنا أن الفعل في (أكبر) يعود إلى مساحة هائلة من الرمل الأصفر حول المطار محاطة بشبك واسع مما حول المطار داخل مساحة أكبر إلى مجرد غرف صغيرة في مساحة رملية هائلة.

قبل 30 سنة كان لدينا أعرض طريق يربط مدينتين في كل الشرق الأوسط. لكننا من بعد ذلك الطريق صمنا لعشرين سنة حتى بات الطريق الأعرض مجرد حفر صيانة في الطريق القديم ما بين مدينتين. قبل 30 سنة كان لدينا أجمل فريق لكرة القدم وحصدنا معه ثلاث بطولات آسيوية، لكننا اكتشفنا أننا حصدناها في الزمن الآسيوي الذي كانت فيه الخطة الكروية "طقها والحقها"، فما زلنا اليوم بفرائص ترتعد إذا ما واجهنا الهند أو نيبال.

المدخل إلى عبارة (أفعل) اليوم هما الهند ونيبال ذاتاهما. ما زلنا معهما نتنافس على ميدان التفعيل، ولكن هذه المرة على شاكلة (أسوأ). ثلاثة من مطاراتنا تصطف في الطابور مع مطاريهما على اللقب الغالي للفوز بجائزة أسوأ خمسة مطارات في العالم. وكل ما سبق لم يكن لب القصة.

القصة تكمن في أن هيئة الطيران المدني تقول في بيان مكتوب إنها تشكك في مصداقية المركز أو المعهد الذي أصدر اللائحة. والخلاصة أن تصنيف الأسوأ لا يحتاج إلى معهد في واشنطن أو مركز في نيبال أو الهند، نحن بالملايين نعبر هذه المطارات ونعرفها جيدا ونستطيع معها أن يكون كل فرد فينا معهدا مستقلا يشاهد هذه المطارات ويضعها أينما شاء في اللائحة والترتيب.

انتظرنا لثلاثين سنة مكتملة منذ تدشين لوحة آخر مطار. سبعون سنة من أجل إضافة قضيب جديد في سكة الحديد. انتظرنا لثلاثين سنة دون أن نضيف شارعا واحدا إلى خطة النقل المروري في المواصلات العامة داخل أي مدينة. أما حكاية الأسوأ أو الجدل البيزنطي حولها فلا تستحق معهدا أو دراسة، لأن فوارق الزمن بين شاهدين كفيلة بتعرية المعلومة. وجه أمي - حفظها الله - ليس هو بالضبط اليوم كما كان قبل 25 أو 30 سنة، والدلالة هنا في استعادة وجهها كفيلة برمزيته الساخرة.