وصف الشاعر إبراهيم زولي مبدع العمل الأدبي الذي ينتظر من المؤسسات الثقافية أن تقدم له شيئا بأنه مبدع "واهم". لافتا إلى وجود كثير من الأسماء التي ليس لها حضور فاعل في المشهد الثقافي تقدم لها دعوات على غفلة، في ظل تجاهل مثقفين صنعوا تاريخهم ومنجزهم عبر سنوات، مقترحا على وزارة الثقافة والإعلام، ومعها المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية" سن معايير صارمة وموضوعية فيما يتعلق بالدعوات، لكي لا يثار هذا الملف في كل تظاهرة أدبية ويهدر الوقت فيما لا طائل منه، على حد قوله. وعن دور النشر ومؤسسات التوزيع العربية قال زولي الذي نظمت له مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر في أغسطس الماضي بمصر أمسية احتفاء بديوانه الأخير "من جهة معتمة" وقرأه الناقدان العراقي ماجد موجد والمصري صالح السيد: إن هاجس الكاتب في السعودية هو التوزيع، وفكرة النشر المشترك كانت المنقذ للمؤسسة ممثلة في الأندية الأدبية "غالبيتها، والاستثناء يؤكد القاعدة" التي كانت مطبوعاتها مكدسة في مخازن وغرف مظلمة لا يدخلها أحد غير الحشرات والعناكب، مضيفا: أنها كانت طوق النجاة للكتّاب الذين يقفون على عتبات دور النشر العربية دون وجود جهة تحمي حقوقهم. أما عن المشهد المحلي فذهب زولي إلى أن قراءة المشهد المحلي تشبه قراءة الفنجان، كلّ سينظر من الزاوية التي يصوب بصره وبصيرته إليها، رغم أنني أزعم بأننا نعيش ربيعا ثقافيا قياسا بفترة سابقة، وتحديدا قبل 2006، قد يؤرخ لها ثقافيا بمعرض الكتاب واجتماعيا بتولي خادم الحرمين الشريفين رائد الإصلاح وحامل لواء حوار الحضارات والأديان بسبب أن حقبة خلت كانت معظم المؤسسات يسيطر عليها تيار واحد، تيار تنفذ في كثير من مؤسساتنا الإعلامية والثقافية والتعليمية.

وأكد زولي وهو يتحدث إلى "الوطن": ما تم غزله في 30 سنة لا يمكن نكثه في سنوات قليلة، ما زالت هناك أصوات تنتشر كممحاة لما سبق، هي في حقيقتها لم تقرأ وتستوعب التجارب ولم تعرف ماذا تعني القراءة، فقط كونها تكتب وتستغل فضاء التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر وغيرها. وأضاف زولي: لم تعد تغويني ثنائية المتلقي والكاتب المبدع والقارئ، فمن يستسلم لهذه الفكرة حتما سيبعثر نصفه في هاوية الإفلاس ويقدم إبداعه قربانا رخيصا على مذبح وهمي اسمه "المتلقي"، رغم أن الكتابة في العالم العربي محفوفة بكثير من الإشكالات أسميها ضربا من التهور والمجازفة وذهابا للمجهول. وعن الحالة الشعرية في جازان قال زولي: إن شعر جازان تحول إلى ظاهرة حياتية تمتد إلى جذور بعيدة أفقيا وعموديا، فكونها ظاهرة إذن هي تستدعي التأمل والتفكير والمساءلة، وبما أن هذه الظاهرة في جازان وهناك جامعة مهمة في هذه المدينة بدأت تشق طريقها وتشكل حضورها بين جامعات المملكة فهي من وجهة نظر خاصة، الأحرى بأن تتولى المهمة البحثية، لهذه الظاهرة اللافتة على مستوى الوطن.