في الوقت الذي كان مفترضا أن يتم فيه طرحه بإحدى الجلسات العامة قبل أشهر، بدا المشهد في مجلس الشورى من مشروع نظام "التحرش بين الجنسين" يتضح شيئا فشيئا، وذلك بعد أن تكشفت لـ"الوطن" تفاصيل معركة احتسابية يقودها عضوان على الأقل ضد طرح هذا المشروع للنقاش تحت قبة المؤسسة البرلمانية.

وطبقا لما تسرب للصحيفة من معلومات من مصادر مطلعة، فإن العضو الدكتور فالح الصغير والعضو الدكتورة نورة العدوان، اعترضا على هذا المشروع عبر خطاب بعثه الأول لرئيس المجلس واصفا فيه المشروع بـ"المثير للمجتمع"، وخطاب آخر عممته الثانية على الأعضاء، قالت فيه إن المقترح "مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية".

وطلب الصغير في خطابه الاعتراضي، أن يتم سحب المشروع من جدول الأعمال، وتأجيله إلى حين استكماله في ضوء المصالح العامة.

ورأى الصغير أن المشروع المطروح في موضوعه "جزء من النظام السابق وليس مغايرا له"، فيما عدت العدوان المشروع في مادته الأولى "يؤصل التحرش الجنسي بين الجنسين برضاهما".

 




رسمت تصريحات المتحدث الرسمي باسم مجلس الشورى، التي نفى خلالها أن يكون المجلس قد سحب مشروع نظام "التحرش بين الجنسين" من جدول أعماله، العديد من علامات الاستفهام. لكن تلك التساؤلات سرعان ما تبددت مع ما تسرب إلى "الوطن" من معلومات تكشف وجود معركة حقيقية داخل أروقة المؤسسة البرلمانية، يقودها عضوان على الأقل ضد هذا النظام.

وطبقا لمصادر الصحيفة، فإن العضو الدكتور فالح الصغير والعضو الدكتورة نورة العدوان، اعترضا على هذا المشروع عبر خطاب بعثه الأول لرئيس المجلس، وخطاب آخر عممته الثانية على الأعضاء، في مشهد يمكن وصفه مجازا بـ"المعارضة الاحتسابية الداخلية"، على اعتبار أن الصغير وصف المشروع المقدم بأنه "مثير للمجتمع" والعدوان قالت إنه "مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية".

وطلب الصغير من رئيس مجلس الشورى، في خطابه الاعتراضي، أن يتم سحب مشروع نظام التحرش بين الجنسين من جدول الأعمال، وتأجيله إلى حين استكماله في ضوء المصالح العامة.

وقدم العضو الصغير في خطابه، الذي أحيطت به "الوطن" من بعض المصادر داخل المؤسسة البرلمانية، الوجهتين النظامية والاجتماعية، على الوجهة الشرعية.

وعن أسبابه في طلب تأجيل مناقشة مشروع "التحرش بين الجنسين"، رأى الصغير أن مشروع النظام المقدم "يتفق مع نظام الحماية من الإيذاء في خمسة مواد (صلب الموضوع).. أما بقية المواد إما شكلية أو لازمة لكل نظام"، فيما أشار إلى أن المشروع المطروح في موضوعه "جزء من النظام السابق وليس مغايرا له"، وهو ما يعني الدخول في دوامة تشقيق وتشعيب الأنظمة فيما لا طائل تحته، على حد تعبيره.

واجتماعيا، رأى عضو الشورى أن "من الخير للمجلس والوطن أن ينظر في مآلات الأمور وبخاصة ما تثير المجتمع بحق أو بغير حق"، لافتا إلى أن الحكمة تقتضي التأجيل لورود ملاحظات عديدة يخشى أن ينظر إليها سلبا".

وذهب العضو الصغير لما هو أبعد من ذلك، حينما أبدى ملاحظة لرئيس المجلس؛ مفادها "أن كثيرا مما يثير الجدل ليس من صلب عمل المجلس بل هو إما توصية إضافية أو ما يرد من خلال المادة 23.."، مستدعيا حكمة رئيس المجلس لمعالجة مثل هذه الأمور.

أما من الوجهة الشرعية، فجاء في خطاب الصغير –بحسب ما أبلغت به الصحيفة مصادر مطلعة-، قوله "إن هذا النظام بني على سلوك يدخل ضمن نطاق تشريع عام يلغى فيه اجتهاد القاضي نحو ستر القضية والحفاظ على الأعراض وغيرها..وهذا محل نقاش يحتاج إلى تأمل من الدارسين له قبل تشريعه.."، فيما تطرق الاعتراض إلى مخالفة العقوبات المنصوص عليها ما هو مقرر شرعا في هذا الإطار.

وبالنظر إلى المقترح المقدم؛ فتنص مادته الأولى على أن "التحرش جريمة، ويقصد به في أحكام هذا النظام كل سلوك ذي مدلول جنسي يصدر من شخص آخر بغير رضاه...".، وأوضحت العضو الدكتورة نورة العدوان، أن مشروع النظام ووفقا لمادته الأولى "يؤصل التحرش الجنسي بين الجنسين برضاهما" وهو ما قالت أنه يتناقض مع مبررات النظام. وأشارت العدوان في خطاب عممته على زملائها وزميلاتها في المجلس، إلى أن العقوبات المنصوص عليها في مشروع نظام مكافحة التحرش بين الجنسين المقترح، لا تتسق مع العقوبات التي نصت عليها الشرعية الإسلامية، كعقوبة القذف وغيرها، مما يستدعي دراستها من قبل المجلس الأعلى للقضاء.

وكان للعدوان ملاحظة كذلك، على نص "يعفى المبلغ حسن النية من المسؤولية إذا تبين أن الحالة التي بلغ عنها ليست حالة تحرش وفقا لأحكام هذا النظام"، ورأت أن هذه المادة تتيح أن يتهم أي شخص امرأة أو رجلا بتهمة التحرش وهو بريء منها، فقط لأن البلاغ كان بحسن نية، فيما أوضحت أن المادة الخامسة التي تنص على أنه "لا يجوز الإفصاح عن هوية المبلغ عن التحرش إلا برضاه" من شأنها أن تزيد من التوسع في اتهام وقذف الأبرياء بحماية النظام، الأمر الذي يرتبط بسمعة الناس وكرامتهم وحفظ أعراضهم.