في مقال السبت الماضي تناولت موضوع المسؤولية الاجتماعية على مستوى الفرد، وذهب الظن لدى بعض القراء إلى أنني ألغي برأيي المسؤولية التي تقع على عاتق الشركات بمقابل تكليف الفرد ما لا طاقة له به، وإن كنت قد صورتها في مقالي السابق على مستوى الفرد كواجب ذاتي، فإنها تمثل جزءا من استراتيجية شركات الأعمال للتفاعل مع البيئة والمجتمع، إضافة إلى أن تفعيل دورها على مستوى الشركات من شأنه أن يحقق التنمية المنشودة في المجتمع.

هناك مفاهيم عصرية لمسؤولية الشركات التي تعدّ أمرا مستجدا على واقع الشركات المحلية، فتطبيقها يعطي مردودا مزدوجا من العمل على معايير المسؤولية للشركات على النشاط الاجتماعي، وهي علاقة متبادلة بينها وبين المجتمع وأفراده، يربطها عنصر الاحتياج بين كل طرف منهما والآخر، أي أن هناك منافع متبادلة، وقد يكون التقصير في بعض الشركات التي لا تقيس على إجمالي المشكلات المقدمة من العملاء والمستهلكين ومن ثم التعامل معها، إضافة إلى ذلك ما توفره من جودة في بيئة العمل، ومقدار ما توفره من الوظائف والرواتب المجزية والعادلة لأفراد المجتمع المحلي.

عرف مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة المسؤولية للشركات بأنها الالتزام المستمر للتصرف أخلاقيا والإسهام في تحقيق التنمية، ومن هذا يأتي التقييم لأداء الشركات ومدى تطبيق المسؤولية الاجتماعية في البيئة السعودية، وما يقابلها من التعقيد للقضايا المحلية التي تتطلب حلولا مبتكرة وسريعة للحد من تفاقم إشكالاتها، ونلاحظ أن معظم الأنشطة التجارية والاقتصادية لا تضفي قيمة حقيقية على المجتمع، فلا توجد إجراءات توضع كحلول أو تحدث تغيرات من شأنها أن تضعنا في وضع تنافسي جيد مع دول العالم، وهذا ناتج أيضا عن غياب الاستراتيجيات الوطنية التي تصعب علينا قياس المسؤوليات وحجم الإسهام وتحديد الأدوار الفاعلة في التنمية والمجتمع، هذا على الرغم من أن اقتصادنا يستحق أن يكون أكثر كفاءة وفاعلية لتوافر المعطيات التي ينقصنا فقط العمل عليها، فالأمر لا يقف عند حجم الإنفاق وإنما في أوجه صرفه.

الأداء الناجح للمسؤولية الاجتماعية على هذا المستوى المهم ينعكس بقيم ثقافية وفكرية اجتماعية، بتأثير وتأثر كليهما في الآخر، فهي تبني شراكات متوائمة في حال تطبيقها وتطوير أدائها، بالقدر الذي يحدث تغييرا حقيقيا على مستوى المجتمع بأكمله.