نورة عبدالعزيز الفرهود


في فترة من الفترات شاعت أسئلة من نمط معين حتى بتنا نعرف إجاباتها قبل أن نقرأها، من مثل أن يسأل الشخص عن عيوبه فيقول الطيبة الزائدة! أو أن يسأل عن بيت من الشعر أعجبه فيتغنى ببيت حافظ إبراهيم الشهير الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق، ولا أعلم سبب شيوعه هل هو التقليد أو الإعجاب بالمضمون أو الشاعر أو اتفاق الذائقة الشعرية أو وهو الأهم، اليقين المستقر في النفوس بالدور العظيم الذي تلعبه المرأة في الحياة حتى استدرك البعض على العبارة الشائعة "المرأة نصف المجتمع"، بقوله المرأة نصف المجتمع وتربي النصف الآخر.

هذا الوعي المتنامي لدور المرأة وتأثيرها الذي نشهده بوضوح تقابله محاولات قوية لتهميشها أو حصر دورها العظيم في مجالات معينة على مستوى العالم ونحن هنا لسنا بمنأى عن هذه التجاذبات والصراعات ممن هم مع أو ضد تمكين المرأة حتى تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة معركة لا تكاد تهدأ لحظة إلا وتعود أشد بأسا خرج علينا الكثيرون من كل فريق، كل ينصب نفسه مدافعا عنها ويرمى الفريق الآخر بأقذع الألفاظ وأشنع الاتهامات. كل هذا وذاك وما زال صوت المرأة يظهر حينا ويختفي حينا آخر عبر محاولات فردية يعززها ما تشغله صاحبة الرأي من منصب أو عبر ساحات تويتر وأوسمته الملتهبة، ولا يعنيني في هذا المقال إلا صوت المرأة، والملاحظ أن صوت المرأة في تناول شؤونها يكون في غالبه متطرفا للاتجاه الذي تميل إليه ويبقى صوت الاعتدال ضعيفا قليل الحضور. فمتطرفات الفريق المتشدد يبحن لأنفسهن في أحيان ما يمنعن عنه غيرهن كالابتعاث وحق العمل الشريف وينسجن القصص المرعبة حيال ذلك ويرددن مرارا وتكرارا بأن الأصل بقاء المرأة في منزلها، ولا أعلم لماذا لم يبدأن بأنفسهن. ومتطرفات الفريق المضاد أعمى أبصارهن بريق الحضارات فأحسسن بأنهن في عداد الأموات وهن أحياء وأن هذا الوطن يطبق على أنفاسهن وأن التحول الكامل للنمط الغربي هو المطلب ولا سبيل لأي إصلاح في أوضاعهن.

هذا التطرف غير المقبول من الطرفين لا بد من أن يجعلنا نعيد حساباتنا في التعاطي مع قضايا المرأة وتمكينها وإعطائها مكانتها وحقوقها التي شرعها الله، بعيدا عن الغلو والتطرف من كل جانب، وأن يكون صوت المرأة المعتدلة فكرا ودينا هو الأقوى وهو العامل المؤثر للبت في شؤونها والممثل لها في قضاياها لتكون أجيال النساء القادمة قادرة على أن تعد شعبا طيب الأعراق وأن تقوم بالدور المأمول منها في قيادة الأجيال القادمة للنهضة والبناء.