أبدت أوساط خليجية وعربية تفاؤلا بما آلت إليه القمة الـ35 لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة البارحة الأولى، وعدوها مرحلة جديدة في العلاقات.

عضو مجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي وصف ما شهدته الدوحة بـ"الإنجاز الكبير"، مرجعا ذلك إلى سرعة تنفيذ المصالحة الخليجية على أرض الواقع، وعادّا ما تشهده المنطقة خطرا عاما وليس خاصا يحيط بدولة بعينها.

الحارثي قال لـ"الوطن" إن الظروف لو سمحت بتنفيذ مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، للانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد لباتت مظلة للعالم العربي وليس للخليجيين وحسب.

وفي السياق ذاته، قال الأمين العام المساعد لمجلس التعاون لشؤون المفاوضات والحوار الاستراتيجي الدكتور عبدالعزيز حمد العويشق لـ"الوطن" إن عناية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كانت عاملا كبيرا في إنجاح قمة الدوحة.

وأثنى مستشار رئيس الوزراء اليمني راجح بادي، على سعي الرياض إلى استقرار اليمن، وقال "كلما شعرنا بالضيق، نجد الرياض حضنا لنا ولهمومنا".




تفرز التحديات والظروف التي تمر بها المنطقة مع توتر الصراعات المسلحة في أجزاء عديدة منه التفكير في الذهاب إلى أكبر قدر من التفاهمات السياسية، وتجاوز ما يمكن أن يعكر علاقة أكبر تكتل سياسي في العالم العربي، بات أخيراً مظلةً ليس للخليجيين فحسب، بل للعالم العربي بأسره.

وتتجسد تلك المظلة العربية في عدم إغفال دول مجلس التعاون الخليجي ما يحدث في العالم العربي، إذ تحضر سورية واليمن والعراق وليبيا على الدوام على طاولة اجتماعات سياسية بهذا المستوى من الأهمية والثقل سواء كان سياسياً واقتصادياً وأمنياً بل وحتى اجتماعياً.

وتأتي تأكيدات وزير الخارجية القطري خالد محمد العطية البارحة الأولى في ختام الدورة الخامسة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي أبرز فيها حرص قادة دول مجلس التعاون الخليجي على حماية الأمن والاستقرار الداخلي لدول المجلس، الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن الإقليمي والعالمي خاصة في ظل التحديات والمخاطر والتهديدات التي تحيط بمنطقة الشرق الأوسط نتيجة لما تشهده من تغيرات وتحولات متسارعة بما لا يدع مجالا للتغافل عن جوانبها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية كافة.

ويأتي وصف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني قمة الدوحة التي فرغت من أعمالها البارحة الأولى بـ"قمة الفرح" كنايةً عن دخول دول الخليج في مرحلة جديدة من العلاقات، فرضت تجاوز كثير من المحطات التي قد تعرقل مسيرة المجلس بشكل أو بآخر.

ويتضح انشغال الدول الست بالهاجس الأمني في ظل التوترات التي تشهدها المنطقة العربية بأسرها، حيث يعمل الخليجيون على خلق حصن منيع، يحول دون أن تصل يد الخراب إلى دولهم، التي تعتبر أكثر أجزاء الشرق الأوسط من حيث الاستقرار.

ويؤكد ذلك قول الزياني البارحة الأولى أيضاً: إن استراتيجيةً لمكافحة الإرهاب بين دول المجلس، يجري العمل على تنفيذها بكل تفاصيلها. يسند ذلك في ذات الوقت سعي دول الخليج إلى إقامة جهاز شرطة موحد فيما بينها، وهو ما أقره قادة دول المجلس واختاروا مدينة أبو ظبي مقراً له، مما يعطي تنبؤات بأن الأمن بالنسبة للخليجيين جزء لا يتجزأ في المنظور السياسي والاجتماعي.

عضو مجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي بدا في اتصال مع "الوطن" أمس متفائلاً لما قال: إنه إنجاز كبير أن تنتهي دول المجلس الست إلى ردم هوة خلاف لم يتوقع الكثير أن يتم حله بسرعة وجيزة. الحارثي شرح رؤيته بالقول "لم يتوقع الكثير أن تُحل الأزمة الخليجية – الخليجية بهذه السرعة. المصالحة الخليجية في الحقيقة لم تكن متوقعة. لكن المخاطر التي تحيط بمنطقة الخليج تستدعي التوازي معها لمواجهتها وصد خطرها عن هذا الجزء الهام من العالم".

ويجد عضو مجلس الشورى أن تجربة مجلس التعاون الخليجي أكبر مما تخيله البعض، وأن سياسة المجلس لديها فنيات معينة، في تجاوز ما يمكن وصفه بـ"الزوابع". ورفع الحارثي صوته بالمطالبة بضرورة فتح الباب لمصر التي تعتبر صمام أمان العالم العربي، ومن جانب آخر شدد على ضرورة وضع حدٍ لمتاجرة إيران في قضايا العالم العربي.

وقال في هذا الصدد "حتماً اتحاد الخليج جاء من نظرة ثاقبة للملك عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين، الذي نظر إلى الأمر بمنظور استراتيجي بعيد المدى. لو تحقق ذلك حسب رؤية الملك عبدالله لأصبح الاتحاد الخليجي حاضنة للعالم العربي بأسره، وليس للخليجيين فحسب. نتمنى أن يتحقق ذلك".

وكانت القمة الخليجية الخامسة والثلاثون قد أعلنت ميثاق حقوق الإنسان، التزاما بما ورد في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، وإعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام، والمواثيق والاتفاقات الدولية والإقليمية ذات الصلة.

ويأتي إعلان ميثاق حقوق الإنسان في الخليج انطلاقا من إيمان الدول الست العميق بكرامة الإنسان، واحترامها لحقوقه والتزامها بحمايتها، إذ كفلتها الشريعة الإسلامية، وتعدّ تجسيدا للقيم والمبادئ النبيلة الراسخة في ضمير مجتمعاتها، ومن الثوابت الأساسية لسياساتها على الأصعدة والمستويات كافة.