صبيحة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي وافق العاشر من الشهر الجاري، أقدم النظام الإيراني على توقيف المحامية نسرين سوتوده، لسبب لم يعرف بعد، ولم يكلف عناصر الشرطة أنفسهم عناء تبرير الاعتقال لزوجها الذي كان برفقتها، بل اكتفوا بأخذ المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان، وتوجهوا بها إلى جهة غير معلومة.

وكتب رضا خندان على حسابه على موقع فيسبوك "أحاطت عناصر جهاز الاستخبارات بسيارتنا على طريق كردستان السريع. وتم توقيفي مع زوجتي، وبعد وقت قصير أفرج عني لكن نسرين لا تزال موقوفة". وأضاف "إنها هديتها بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان".

وسوتوده ليست لها أيديولوجية سياسية معادية للنظام، بل كل ذنبها أنها آمنت بأن الإنسان كائن كرمه الله، ويستحق أن تدافع عنه عندما يتعرض للظلم، وبدأت مهمة الدفاع عن شبان محكومين بالإعدام شنقا حتى الموت، عقابا على جرائم ارتكبوها عندما كانوا قاصرين، كما بدأت قبل أعوام عدة في الدفاع عن الكثير من المعارضين السياسيين.

ولا تختلف قصة سوتوده كثيرا عن قصص آخرين، إذ لا يتورع النظام الإيراني في اعتقالهم والبطش بهم، لمجرد الاختلاف معهم في وجهات النظر، بل إن آخرين تعرضوا لعقوبات مشابهة في قضايا أقل أهمية بكثير.

في الحادي عشر من نوفمبر الماضي، حكم القضاء الإيراني، على المدرب محمد مايلي كهن بالسجن 4 أشهر، لمجرد أنه أدلى بتصريحات ذات طابع رياضي انتقد فيها مدرب المنتخب السابق علي دائي، عقب خسارة منتخب بلاده أمام المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم عام 2009.

وكان مايلي كهن قد ظهر في برنامج تلفزيوني عقب تلك الخسارة التي أدت إلى الحيلولة دون وصول إيران إلى نهائيات كأس العالم 2010، واتهم مايلي كهن زميله علي دائي بأنه أضر بنظام البلاد، وكان السبب الرئيس وراء الخسارة وإقالة داريوش مصطفوي عن رئاسة اتحاد كرة القدم الإيراني. ودفع الحكم الجائر ضد كهن بالكثير من اللاعبين السابقين والمدربين إلى التعاطف معه، ورافقوه حتى سجن "أفين" في طهران، حيث يقضي المدرب الإيراني 4 أشهر خلف القضبان. وغير بعيد عن هذه القضية، اعتقل الأمن الإيراني في يونيو الماضي سيدة بريطانية ذات أصول إيرانية، وانهال عليها الجنود بالضرب المبرح، لمجرد أنها حاولت حضور مباراة للكرة الطائرة.

وكان محامي قونشية قوامي قد ذكر في وقت سابق من هذا الشهر؛ أن الشابة البالغة من العمر 25 عاما وخريجة الحقوق من لندن، حكم عليها بالسجن لمدة عام، وأنها تعرضت للاعتداء من رجال الأمن، مما تسبب في إصابتها برضوض وكسور. والمثير في الأمر أن قوامي اقتيدت للقضاء، ووجهت إليها تهمة "القيام بدعاية معادية للنظام".

وأدانتها المحكمة وعاقبتها بالحبس لمدة عام.

أما نائب مدينة زاهدان في البرلمان الإيراني حسين علي شهرياري، فقد أثار ضجة كبيرة حينما قال إن الأحداث في إقليم بلوشستان "تنذر بسقوط الإقليم في يد تنظيم "داعش" كما سقطت الموصل العراقية"؛ في إشارة إلى الاشتباكات الأخيرة التي اندلعت عبر الحدود الإيرانية - الباكستانية بين مجموعة "جيش العدل" البلوشية من جهة، وشرطة الحدود والحرس الثوري الإيراني من جهة أخرى، التي أدت إلى مقتل عدد من الضبط والجنود الإيرانيين، مما دعا القوات المسلحة للاعتراض وتقديم مذكرة رسمية للبرلمان تطالب فيها "بوقف النائب المذكور عن ترديد مثل هذه الادعاءات".

وقاد ذلك المستشار الأعلى لرئاسة الأركان في الجيش الإيراني محمد باقر زاده، إلى إطلاق تصريح صحفي قال فيه "تصريحات هذا النائب غير مقبولة، إذ إن حدود البلاد تنعم بالأمان الكامل"، على حد تعبيره.

وإن كان هؤلاء قد تم توقيفهم وإيداعهم السجن لقضايا فكرية أو سياسية، تبقى قضية ندى سلطان في أذهان المدافعين عن حقوق الإنسان، فقد اغتيلت الفتاة التي لم تتجاوز 27 عاماً على أيدي قوات الباسيج، أثناء الاحتجاجات التي رفضت تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009، فتحولت إلى أيقونة في نظر الحالمين بالتحول إلى نظام يراعي حقوق الإنسان ككائن مميزه الله عما سواه.

ورغم خطورة تصريحات شهرياري التي مست الأمن القومي الوطني، إلا أنه لم يتعرض حتى للمساءلة في البرلمان، فضلا عن الملاحقة الأمنية، لسبب بسيط، هو أنه أحد مؤيدي النظام، لذلك أخذت تصريحاته بمبدأ حسن النية. أما الآخرون فإنهم "متآمرون، وعملاء، وخونة"، وحتى آخر الديباجة المعروفة، لمجرد أنهم يخالفون النظام في بعض رؤاه.