تخصص الأمانات والبلديات للمناطق الصناعية مواقع خارج المدن والمحافظات والمراكز، ويتم عمل مخططات لها، ويتم توزيع أراضيها بأجور رمزية وفق تنظيم معين على أصحاب الورش، والمجمعات الصناعية، والمرافق الصناعية، والخدمية الأخرى، وينتهي الأمر عند توزيع هذه المحلات، ولا تتم متابعة هذه المحلات من قبل الجهات المعنية للتأكد من أنها تزاول النشاط الذي خصصت له، ويتم تشغيلها من قبل المستأجرين الأساسيين، وما يحدث أن كثيرا من الورش يتم بيع عقودها من قبل المستأجرين الأساسيين لمستثمرين آخرين، وهكذا، فهناك ورش يتم تقسيمها إلى ورش صغيرة ويتم تأجيرها على عمالة وافدة من خلال عقود بين المستثمرين وعمالة المؤسسات التي لا تملك أرضا أو ورشة، وفي الغالب أن واقع خارطة هذه المناطق الصناعية يختلف بدرجة كبيرة عن الخارطة الأصلية التي في ضوئها تم توزيع هذه الأراضي أو الورش، ويتوقع أن يكون توزيع هذه الورش والمحلات خاضعا للمجالات الخدمية التي تقدمها هذه المناطق الصناعية، فتكون هناك ورش ومحلات خاصة بالميكانيكا للسيارات، والمعدات في شارع أو مربع واحد، ومحلات أخرى في مكان واحد مخصصة لورش السمكرة والبوية، ومجمعات صناعية لتصنيع الحديد، وورش للحدادة في مكان أو شارع مخصص لها وورش متخصصة، ومحلات محددة للأعمال الخشبية والنجارة بعيدة عن محلات وورش الحدادة، وغير ذلك من المحلات حسب التخصص، بحيث تكون هناك مراعاة للمستفيد، ولجوانب الأمن والسلامة في هذه الورش والمحلات.

أما واقع هذه الورش في أغلب مدننا الصناعية فلا يتبع التنظيم الذي ذكرته سابقا، أو المفترض أن يكون، فنجد أن هناك تداخلا كبيرا بين هذه الورش وعشوائية في توزيع هذه الورش أو المحلات، فنجد منجرة في شرق المنطقة الصناعية وأخرى في غربها، ونجد ورشة ميكانيكا في شمال المدينة الصناعية وورشة أخرى في جنوبها، ولا تراعي هذه الورش جوانب الأمن والسلامة من خلال عدم مراعاة قواعد السلامة، أو حتى من خلال إيقاف بعض السيارات أو المركبات أو المعدات في الشوارع بطريقة عشوائية قد تحول دون وصول السيارات الأمنية أو الإسعافية، أو سيارات الدفاع المدني في حالة الحاجة إليها. والعشوائية في توزيع هذه الورش أو المحلات ما هو إلا نتيجة للاستثمار المتعدد من قبل المستثمرين غير المستأجرين الحقيقيين لهذه الورش أو المحلات، وهذا يتطلب من الأمانات والبلديات أن تعيد النظر في مدة عقود إجار هذه الورش أو المحلات، وأن يتم تخصيص مجمعات الورش بناء على التخصص الواحد، ويتم سحبها من المستأجر إذا لم يتم تشغيلها في مجال النشاط الذي خصصت له، ولا يسمح بتجزئتها أو المحلات إلا في مجالات محددة ووفق تنظيم معين، الجانب الآخر في هذا المجال هو الحاجة إلى الشفافية الواضحة في مجال تخصيص هذه الورش، وإعلان أسماء المستأجرين الحقيقيين لها وتخصصاتهم التي تؤهلهم لهذا التخصيص، لأن هناك كلاما كثيرا حول المستأجرين أو المستثمرين لهذه الورش والمحلات، ومحدودية التوزيع على فئات محدودة قد يكون لها نفوذ من أي نوع كان.

أما المحلات الأخرى التي تقع خارج التنظيم لهذه المدن الصناعية فتتمثل في ورش حدادة ونجارة على حدود مدننا ومحافظاتنا، وأغلب هذه المحلات غير نظامية، وقد تسمح للعمالة المخالفة بالعمل بها، ولا توجد لديها تراخيص بمزاولة هذه الأنشطة، ومع ذلك تعمل طوال أيام الأسبوع حتى منتصف الليل، وهنا أرى أن هذه المحلات الخارجة عن التنظيم، والمخالفة لا بد من إيقاف نشاطها وإقفالها، ويتم تخصيص ورش ومحلات لها في مدننا الصناعية حتى وإن تطلب الأمر التوسع في هذه المدن، أو إنشاء مدن صناعية ثانية، أو ثالثة، ولا تترك هذه المحلات المخالفة تشوه مداخل مدننا.