انشغل أعضاء مجلس الشورى أمس، بنقاشاتهم حيال تقرير وزارة البترول والثروة المعدنية، حول مستقبل النفط، وسط إنتاج يومي يصل إلى 10 ملايين برميل، الذي عده البعض مهددا لفقد مورد البلاد الوحيد، وسط عدم وجود بدائل حقيقية تضمن تنويع مصادر الدخل. وتكشف أرقام رسمية تضمنها تقرير وزارة البترول أن احتياطي المملكة من الزيت يقدر بـ265 بليون برميل، وهو ما علق عليه العضو مصطفى الإدريسي بالقول "ذلك يعني أن النفط سيتلاشى بعد 72 عاما تقريبا فيما لو استمرت عمليات الإنتاج اليومية عند مستواها الحالي".

وتضمنت توصيات لجنة الاقتصاد والطاقة تلميحات فهمها عضو مجلس الشورى فهد بن جمعة (وهو خبير نفطي) بأنها تدفع لرفع أسعار البنزين والوقود على المواطنين بطريقة غير مباشرة، وهو ما قال إنه "أمر مرفوض".

ومقابل ذلك، كان لعضو المجلس عوض الأسمري رأي مغاير، إذ أكد في مداخلة له بأن الأوان قد حان لإعادة النظر في أسعار البترول ومشتقاته محليا، إذ يرى بأن السوق المحلية تعد عاملا مهما جدا للحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني.

وقابل عدد من أعضاء مجلس الشورى توصية لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة التي دعت فيها حكومة المملكة للعمل على استقرار السوق النفطية بانتقادات لاذعة، لكونها تحمل تشكيكا بسياستها القائمة أصلا على المحافظة على استقرار أسعار النفط وتوفير الإمدادات اللازمة للأسواق العالمية.

وعد العضو فهد بن جمعة، وهو أحد الخبراء النفطيين، توصية لجنة الاقتصاد والطاقة مستفزة ومرفوضة وفيها ظلم وإجحاف لسياسة المملكة النفطية، في الوقت الذي تتصف تلك السياسة بالوضوح وعدم انطوائها على أي نوع من أنواع المؤامرات، وهو ما اتفق معه كل من العضو الأمير خالد آل سعود والدكتور عمرو رجب، وآخرين، إذ دعا الأول بشدة على حذف التوصية أو تعريفها لكونها تحمل إشارة إلى أن سياسة المملكة غير النفطية غير متزنة، على الرغم من أن الرياض لم تعرف إلا بالاعتدال مع خصومها وحلفائها.

مداخلة العضو الأمير خالد آل سعود تطرقت كذلك إلى وجود مباشرات حول مناطق جار استكشاف النفط بها، منها مناطق الشمال والشمال الغربي وجنوب السعودية وتحديدا في الربع الخالي.

ولم تغب المخاوف البيئية الناجمة عن عمليات التعدين عن مداخلة خالد آل سعود، إذ حذر من خطورة ما يلحظ من إخلال في البيئة ناجم عن حفر المناجم وما ينتج عنها من انبعاث للغازات، فضلا عن الحفر العشوائي للقائمين بأعمال التعدين إلى درجة تهديدهم لبعض المواقع التاريخية، مطالبا بتشديد الرقابة على حاملي الرخص لمنع تلك التعديات والمحافظة على جغرافيا وتاريخ البلاد.

من جانبه، علق العضو مصطفى الإدريسي الجرس إزاء مستقبل البلاد عقب سبعة عقود، في ظل عدم مراعاة خطط التنمية لمبدأ تنويع مصادر الدخل. وقال في مداخلة له خصصها لتقديرات احتياطي النفط، إن الاحتياطي الحالي ومستوى الإنتاج اليومي، يهددان بتلاشي البترول بعد 72 عاما، بينما أن دولا مثل الكويت والعراق والإمارات وإيران تشير التقديرات إلى أن عمر إنتاجهم البترولي سيمتد إلى 121 عاما للأولى، و163 عاما للثانية، و156 عاما للثالثة، و101 عاما للرابعة، وهو ما دعاه لمطالبة وزارة البترول بمراعاة الحفاظ على الاحتياطي ومراجعة معدل الإنتاج اليومي.

وفيما كشف العضو محمد القحطاني عن ارتفاع احتياطات المملكة من الغاز إلى 293 تريليون قدم مكعب، دعا زميله عمرو رجب إلى تنويع مصادر الدخل، واتخاذ أدوات ناجحة مثل الاستثمار في مجال البتروكيماويات ومشتقات النفط والغاز.