كان ولا يزال للعاصمة السعودية الرياض، التي تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إدارتها خمسة عقود، دور بارز على خريطة صنع الاستقرار السياسي العربي، الذي يستند إلى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وإطفاء الأزمات الملتهبة التي تشتعل في محيطها.

القوة الناعمة التي تعتمد عليها الرياض في مساعيها الخاصة بإنهاء أزمات المنطقة، تستند إلى ثلاثة عناصر رئيسة، طبقا لرئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى الدكتور خضر القرشي، الذي لخصها بـ"الثقل الديني، الثقل الاقتصادي، الثقل السياسي".

وقبل الدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية، في إنقاذ اليمن وشرعية حكومته من طغيان الانقلابيين المدعومين من إيران، كأهم التحركات السياسية الخارجية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز الذي أكمل 100 يوم من بداية عهده، كان لها أدوار متعددة في جمع الفرقاء إن كان على مستوى الدولة الواحدة أو الدول المتنازعة، وما دورها في توقيع اتفاق مكة بين الفرقاء الفلسطينيين، وجمعها الفرقاء العراقيين على طاولة واحدة، وإصلاحها للنزاع القائم بين السودان وتشاد، واحتضانها توقيع المبادرة الخليجية بين الفرقاء اليمنيين، إلا انعكاس لسياستها الداعمة لصنع الاستقرار العربي وتجنيب دوله الأزمات والمحن، فضلا عن دورها في اتفاق الطائف الذي جنب لبنان حربا أهلية طاحنة دامت سنوات.

وهنا، يؤكد رئيس لجنة خارجية الشورى الدكتور خضر القرشي، أنه لا يوجد بلد مؤهل للقيام بدور ليس فقط في العالم العربي بل والإسلامي، مثل المملكة العربية السعودية.

واستند القرشي في تصريحاته إلى "الوطن" لتدعيم فكرته السابقة، إلى كون المملكة العربية السعودية تعد حاضنة الحرمين الشريفين، وهو ما يعطيها ثقلا دينيا وعاطفة دينية تجعلها مقدرة من الجميع وتتألف القلوب حولها، إضافة إلى الثقل الاقتصادي الذي تستند إليه على مخزون بترولي هائل، إضافة إلى الثقل السياسي الذي يمثله في هذه الأيام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والذي كان فعله تجاه اليمن واستجابته لدعوة الرئيس الشرعي فيها، أهم حدث يحصل عليه إجماع شعبي منقطع النظير منذ تأسيس الدولة السعودية الثالثة أيام الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن – طيب الله ثراه.

وعن قرار عاصفة الحزم وعنصري السرعة والمفاجأة فيه، كان للدكتور خضر القرشي وقفة حيال ذلك، حيث قال "إن ذلك العمل لا يمكن أن تقوم به إلا دولة وقيادة لها مكونات ولديها إمكانات.. أميركا نفسها حينما أرادت أن تحشد العالم رافق ذلك صخب إعلامي، أما المملكة العربية السعودية حينما قررت أن تتخذ قرارا تاريخيا مثل عاصفة الحزم عملت بهدوء يدعمه إجماع خليجي وعربي وعالمي منقطع النظير، ولو أن الله لم يمنح القيادة هذا القبول لما رأينا ما رأينا".

وأكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى، أن الاستقرار الذي تعيشه المملكة العربية السعودية والأمن الذي يستتب في كافة إرجائها، أعطاها دورا قياديا في العالم العربي بإجماع وغطاء شعبي. وقال "نحن نعيش في بلد متلاحم ومتكاتف وسياستنا معلنة وواضحة.. نحن في هذا البلد لا أحد ينازع السلطان صلاحيته أو ملكه أو توجهاته.. هذه اللحمة التي نعيشها لا تتوفر في أي بلد آخر.. وعلى مدار العقود الماضية والقيادات المتعاقبة كان حظنا من قادتنا الحب والود والاحترام، وكل تلك العناصر جعلت من السعودية بلدا رائدا في صنع الاستقرار والسلام في العالمين العربي والإسلامي".

ونوه الدكتور خضر القرشي بالدعم الذي قدمته الرياض لصالح تنمية دول المنطقة وشعوبها. وقال "لقد آثرت السعودية على نفسها كثيرا من أجل توحيد الكلمة والمصير ونشر الأمن والاستقرار.. ودفعت من أجل ذلك المليارات، وهذا دليل على إحساسها وشعورها بالآخرين".