أجاب الكاتب الإسرائيلي أورى أفنيرى، وهو من ناشطي السلام ومؤسس موقع كتلة السلام، على سؤال استنكاري مثير حول من يحكم إسرائيل؟ فقال "في إسرائيل من المعروف أن الملياردير الأميركي شيلدون أديلسون، هو الحاكم الحقيقي لإسرائيل".

وأديلسون هو أحد أغنى أغنياء العالم وصاحب أكبر الكازينوهات في الولايات المتحدة. ووفقاً للأرقام التي جمعتها منظمات المراقبة في الولايات المتحدة، فإن مركز أديلسون وزوجته للنزاهة العامة، ساهم بمبلغ 150 مليون دولار عام 2012 إلى الحزب الجمهوري ومرشحيه، بمن فيهم ميت رومني ونيوت جينجريتش، وللجان عمل السياسة العليا التي يحق لها قبول أموال غير محددة لتمويل قضايا سياسية، ليست لأحزاب سياسية مُعينة. وأجندة أديلسون هي الوحيدة التي تحدد لمن يُقدم المال – الصهاينة اليمينيين، واليهود الإسرائيليين، وبنيامين نتنياهو.

وعندما خاطب نتنياهو الكونجرس في مارس 2015، قبيل الانتخابات الإسرائيلية، كان أديلسون وزوجته، من بين الحاضرين كضيوف شرف. وفي عام 2007 موَّل أديلسون صحيفة "إسرائيل اليوم" المجانية التي تُعد من أكبر الصحف الإسرائيلية، والتي تخسر نحو 3 ملايين دولار شهرياً وفقاً لمعلومات سُربت من قضية في محكمة إسرائيلية. وبما أن نتنياهو من أقرب المقربين لأديلسون، فإن أديلسون يبدو على استعداد أن يضع "جبالاً" من الأموال لدعم الصحيفة، وهو يرى أن كل ما يقدمه قانوني بالنسبة للانتخابات الإسرائيلية، لأنها لم تعط لحزب مُعيَّن- لأجل إبقاء نتنياهو في السُلطة.

وبالنسبة للقضية الفلسطينية، فإن أديلسون يرى أنه ينبغي ألا تكون هناك دولة فلسطينية، وأن الأراضي بأسرها لإسرائيل بما في ذلك الضفة الغربية، ويؤيده في ذلك الصهاينة المتطرفون، باستخدامهم "يهودا والسامرة" استدعاء لأسماء المواقع التوراتية.

ويقول أديلسون إن "الفلسطينيين أمة مخترعة لتدمير إسرائيل ... ويجب ألا تكون لهم أي حقوق مواطنه في إسرائيل... فإذا قلتم لي إنّ إسرائيل لن تكون دولة ديموقراطية، فسأقول لكم، أي ضير في ذلك؟"

في نوفمبر 2014 عقد المجلس الأميركي-الإسرائيلي، الذي أسسه أديلسون، اجتماعه الأول في لاس فيجاس بحضور المرشحين الجمهوريين المحتملين للرئاسة، حيث كانوا يتسابقون لإلقاء خطبهم مشيدين بالتبرعات السخية التي ينفقها لهم أديلسون لتحقيق آمالهم في الوصول إلى الرئاسة. وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إنهم كانوا يكيلون آيات الإطراء والتغني بإسرائيل والتسابق على مدى التزامهم بدعمها في سياساتهم المقبلة. ويدرك المرشحون لمنصب الرئيس أن الفوز بتبرعات أديلسون السخية مرهون بالتماثل مع مطلبه الثابت وهو: مدى الالتزام الفعلي المقبل لدعم إسرائيل.

في عام 2011 قال أديلسون لمجموعة من الطلبة اليهود الأميركيين "اذهبوا إلى إسرائيل وعودوا لمحاربة المنظمات الإسلامية في الجامعات الأميركية. وقال للطلاب إن فلسطين لم تكن موجودة حقاً، إنها "مُخترعة".

يواجه أديلسون فحصا دقيقا في أموال شركته الرائدة "لاس فيجاس ساندز (LVS)، التي يمتلك غيرها من الكازينوهات في قطاع ماكاو الصيني. ومثل هذه الرقابة المشددة يمكن أن تكشف أمورا قد تشوِّه سمعته ونفوذه السياسي.

في 22 مايو المنصرم وفي محكمة لاس فيجاس بولاية نيفادا، قررت القاضية إليزابيت جونزاليس بأن هناك دعوى قضائية مستمرة منذ فترة طويلة لها علاقة تنطوي على جريمة الكسب غير المشروع نشأت في ماكاو الصينية، ستحال للمحاكمة في لاس فيجاس الأميركية. ووفقا لما ذكرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، قالت القاضية جونزاليس "منذ خمس سنوات كانت القضية تحت النظر في محاكم ولاية نيفادا، وقد جادل محامو أديلسون، الذي يدفع لهم أجوراً عالية، أن القضية يجب أن تُنظر في ماكاو، حيث توجد الكازينوهات. وتنطوي هذه الدعوى على ادعاءات ستيفن جاكوبس، الرئيس التنفيذي السابق لكازينوهات أديلسون في ماكو، بأن هذه الكازينوهات تستخدم لجلب كبار المقامرين لممارسة هواياتهم فيها وهي مربحة للغاية، وتستخدم أيضا في "استغلال نفوذ" المسؤولين في الحكومة الصينية.

ووفقاً لصحف لاس فيجاس وصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن إديلسون قد تم استجوابه على منصة شهود لمدة أربعة أيام خلال الأسبوع الماضي، قبل أن تحكم القاضية جونزاليس ضد حجج المحامين لوضع الدعوى خارج نظام العدالة في الولايات المتحدة.

وفي هذه الحالة، لاشك أن الدعاية السيئة يمكن أن تضر بنفوذ أديلسون السياسي، ولكن "المال يتحدث" في الانتخابات الأميركية. ومع ذلك، إذا كانت العلاقات مع شخصيات متهمة بالجريمة و"استغلال النفوذ" في حاجة إلى إثبات، فإن من شأن ذلك أيضا أن يؤثر سلبا على السياسيين الأميركيين.

ولقد فتح قرار القاضية جوانزاليس بأن تنظر قضية ماكاو في المحاكم الأميركية الباب أمام الصحفيين الاستقصائيين للنظر مرة أخرى في سجل أديلسون، المعروف باسم "عراب اليمين الجمهوري".

هناك حالة تقف شاهدا على الفور: هي أن شركة لاس فيجاس ساندز التابعة للكازينوهات التي يمتلكها أديلسون دفعت مبلغ 47.4 مليون دولار غرامة إلى وزارة العدل الأميركية في أغسطس 2013 لتسوية تتعلق بقضية سمسار مخدرات بين الصين والمكسيك يدعى زهنلي يي غون، قد انتهت باتفاق على ألا تُقدم أية تهم جنائية ضد شركة لاس فيجاس ساندز أو أي من أصحابها أو مديريها. وزهنلي يي غون معروف بأنه شاب مقامر على مستوى عال في لاس فيجاس، وكان متورطاً في عملية مخدرات وصفتها السلطات المكسيكية بأنها واحدة من أكبر العمليات في تاريخ المخدرات في البلاد.

ووفقا لصحيفة "نيويورك ديلي نيوز"، كان يي غون من أكبر عملاء الكازينو، حيث فقد أكثر من 90 مليون دولار في طاولات القمار في كازينو فينيتيان، أحد أشهر كازينوهات لاس فيجاس الفاخرة التي يمتلكها إديلسون. ودفع يي غون نحو 45 مليون دولار سدادا للقروض التي منحتها له شركة لاس فيجاس ساندز مقابل المبالغ التي خسرها في القمار في طاولات كازينو ساندز. وادعت شركة ساندز أنها كانت تتعاون مع يي غون بشكل كامل وأنها أعطته المال لتسوية قضية مع الحكومة الأميركية.

ووفقاً لمجلة "فوربس" الأميركية، فإن أديلسون يحتل المرتبة الـ10 لأغنى أغنياء العالم. وفي أواخر عام 2006 أدرج اسمه على أنه ثالث أغنى الأغنياء في أميركا.

وفي الأسبوع الماضي قرر نتنياهو تعيين دوري جولد مساعداً لشؤون السياسة الخارجية بمجلس الوزراء الذي يرأسه نتنياهو نفسه. وكان جولد رئيساً للمركز اليهودي لدراسات المجتمع في مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند، الذي يتلقى 3,250,000 دولار تبرعاً سنوياً من أديلسون منذ عام 2009، أي عندما تولى بنيامين نتنياهو منصبه.

في الوقت الراهن، لا يزال أديلسون "العراب" في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، وسيظل كذلك ما لم تحصل محكمة ماكاو على بعض الأدلة الدامغة التي تدعم المزاعم التي طال أمدها.