قال معد ومقدم برنامج "على خطى العرب" الدكتور عيد محمد اليحيى إن الأدباء والمثقفين الذين تسلموا منابر الأدب والثقافة منذ خمسين عاما شغلتهم الحداثة وما بعدها للأسف، بينما نحن نعاني في الواقع جهلا كبيرا بتراث بلدنا وثقافته وعاداته، وأصبح الهم الذي يشغل جل المثقفين وغيرهم نقل بضاعة الغرب لنا والفخر بها على حساب الوطنية والانتماء الحقيقي للوطن.

وأشار اليحيى في المحاضرة التي نظمها نادي الطائف الأدبي مساء أول من أمس بعنوان "مشروع على خطى العرب والسبيل إلى السعادة الوطنية" إلى أن هناك سبل كثيرة للوصول للسعادة الوطنية والانتماء الحقيقي لها من خلال تعريف المواطن بأركان ثلاثة وهي "أنثروبولوجيا وطنه، وأركيولوجيا، وجيولوجيا وطنه" وهي الأركان التي تهتم بالتراث الوطني وطبيعة الأرض.

وذكر أن الشعوب لديها انتماء كبير لأوطانها ولغتها ولا نجد ذلك لدينا، مؤكدا أن اللغة العربية أصبحت رخيصة حيث بدأنا وتعمقنا في تشجيع الشعر الشعبي، إضافة إلى أن الشعر الشعبي لا يحمل أنثروبولوجيا، وهذا كان نتاج الفكر الاستشراقي.

وبين أن المعاناة لدينا تتمثل في أزمة سلوك، فالناس لا تحترم المكان وليس لديها ولاء لوطنها، وللأسف أن اهتماماتنا باتت تنحصر في كرة القدم وتزايدت القطيعة بين التراث واللغة والنَّاس، ولم نعد نحترم المكان والأرض، لدرجة أن الطائف وهي عروس المصايف وبها مئات من الأشجار الطبية والدوائية أصبحت هذه الأشجار كالطلح وغيرها مليئة بالبلاستيك ويمكن أن نقول أنها مدينة بلاستيكية، وهذا يدخل في جهل الناس بالانتماء الحقيقي للمكان والبيئة والوطن.

وأضاف اليحي "نذكر أماكن عدة ومنها سوق عكاظ وعليه لغط كبير ونستحي ونحن نذكره أو نعرف به كذلك الربع الخالي الذي أسماه المستشرقون بالربع الخالي وتعلمناها من الكتب بينما حقيقة مسماها الذي نجهله هو صحراء الرمال العربية".

ووجه اليحيى الباحثين والأدباء والعامة إلى دراسة أرض الجزيرة العربية لأنها تراث للعالم أجمع مضيفا "أننا ودوّل الخليج أصبح لدينا نظرة سلبية عميقة لأنفسنا ولأوطاننا وأصبح رجال الأعمال يستثمرون خارج أوطانهم إضافة إلى أنه وللأسف الأفلام الخليجية والمسلسلات صورت السعودي والخليجي بأبشع الصور وجعلته غير واثق من نفسه ومن هذه المسلسلات "طاش ما طاش"وغيرها، مشيرا إلى أننا فتحنا الأبواب لجميع المستشرقين من كل دول العالم للإدلاء بمعلومات تصور مجتمعنا السعودي والخليجي والعربي بصور بشعة بينما في الغرب لن تجد أحدا يفتح لك الباب، وخصوصا إذا أردت دراسة أدب وتراث الغرب، لأنهم يتفقون مهما كانت مستوياتهم وأعمارهم على عدم الإدلاء بأي معلومة تشوه وطنهم، لأن هذه المعلومات تتحول إلى معارف فيما بعد".

وقال إن "الجماهير لديها عاطفة ينبغي أن توجه توجيها سليما فنحن نواجه هجمة نكون فيها أو لا نكون، وللأسف نجد البعض من ضعاف النفوس مستعدا لأن يعمل ضد وطنه أي شيء مسيء، بينما الدول الخارجية والعالمية لا تشتري ولاء مواطنيها بأموال، فأين الاعتزاز بأرض الجزيرة العربية؟ حيث إنها مكان أعظم الرسالات السماوية؟".