أُعلنت الأسبوع الماضي جوائز أحسن خطوط الطيران في العالم، من وجهة نظر العملاء. وهذه الجوائز السنوية، التي تنظمها مؤسسة (سكايرتراكس)، تعتبر أكثر الجوائز أهمية لأن التقييم يتم من قبل العملاء أنفسهم، وليس من مسؤولي شركات الطيران أو غيرهم ممن قد يكون لهم بعض التحيز. وقد كان لشركات الطيران الخليجية الجديدة والآسيوية نصيب الأسد هذا العام، حيث احتلت المراكز العشرة الأولى، في حين اختفت الشركات العربية القديمة والأوروبية والأميركية من المراكز الأولى.

حصلت شركة الطيران القطرية على المركز الأول كأحسن شركة طيران في العالم، بعد أن كانت في المركز الثاني عام 2014، واحتلت طيران الإمارات المركز الخامس، مقارنة بمركزها الرابع العام الماضي، أما طيران الاتحاد فقد قفزت إلى المركز السادس، بعد أن كانت في المركز التاسع عام 2014.

واحتلت الخطوط الآسيوية بقية المراكز العشرة الأولى، فحلّت السنغافورية في المركز الثاني، ونزلت كاثاي باسيفيك (هونج كونج) من المركز الأول إلى الثالث، واحتلت التركية المركز الرابع، واحتلت خطوط (أنا أول نيبون) اليابانية المركز السابع، وحلت خطوط (جاردوا) الإندونيسية المركز الثامن.

وكان ملاحظاً غياب الشركات الأوروبية والأميركية عن المراكز العشرة الأولى، وهو أمر مفهوم للمسافرين، لأن الشركات الخليجية الجديدة (الاتحاد – الإمارات – القطرية)، قد أسّست – مع الشركات الآسيوية التي أشرتُ إليها – معايير جديدة للجودة لم تستطع الشركات القديمة مجاراتها. وفي حين حققت بعض الخطوط الأوروبية أماكن معقولة في التقييم العالمي، لم تحظ الخطوط الأميركية المعروفة بمثل ذلك. فأفضل شركة خطوط أميركية حسب التقييم كانت (دلتا) التي حلت في المركز الـ(45)، تليها (يونايتد) في المركز الـ(60)، ثم (أير ألاسكا) في المركز الـ(65).

ماذا عن الخطوط العربية؟

احتلت معظم الخطوط العربية مراتب متأخرة جداً في التصنيف، فلم تدخل في قائمة أفضل (100) شركة، إلا الشركات الخليجية الثلاث التي أشرت إليها (الاتحاد-الإمارات-القطرية)، وشركة الخطوط العمانية، التي احتلت المركز الـ(35)، والخطوط السعودية التي احتلت المرتبة الـ(84) وطيران الخليج التي احتلت المرتبة الـ(88). في حين غابت بقية الخطوط العربية عن تلك القائمة.

وقد أحدث تقهقر مكانة الشركات الأميركية والأوروبية، وهي أقدم شركات الطيران في العالم، على مدى السنوات القليلة الماضية ضجة في عالم الطيران في القارتين الأوروبية والأميركية. وسعى بعضها إلى عقد شراكات مع الشركات الخليجية الجديدة على وجه الخصوص بهدف كسب عملائها، والاستفادة من الرحلات المشتركة لرفع مستوى رضا عملائها. ولكن في الوقت نفسه، تخوض الشركات الأوروبية والأميركية الكُبرى (الخطوط الألمانية لوفتهانزا، الخطوط البريطانية، دلتا وغيرها) معركة شرسة ضد الخطوط الخليجية، متهمة إياها بالمنافسة "غير العادلة" وبحصولها على دعم حكومي غير قانوني، وهي معركة، تصل إلى حد المهاترة أحياناً، تخوضها الشركات الخاسرة في الإعلام وفي الاجتماعات المغلقة، ضد شركات الخليج الجديدة. وتلقى مطالب الشركات الأوروبية على وجه الخصوص تعاطفاً من بعض المسؤولين الأوروبيين، وهناك حوار جار بين الجانبين في إطار مجلس التعاون والمفوضية الأوروبي للوصول إلى تفاهم مشترك. ومن المستبعد أن تؤدي هذه المواجهات إلى تحقيق النتائج التي تسعى إليها الشركات الأوروبية والأميركية، لأن الحَكَم في نهاية المطاف هو المستهلك، الذي لن يقبل بعودة سيطرة تلك الشركات على أسواق الطيران واحتكارها للأسواق الأوروبية والأميركية، بأسعارها المبالغ فيها وخدماتها المتدنية.

وما سيحقق الفائدة للجميع هو أن تسعى الشركات التي لم تحقق نتائج عالية إلى الاستفادة من تجربة الخطوط الآسيوية والخليجية الجديدة سواء فيما يتعلق بمستوى الخدمة والطائرات والتجهيزات. وقد رأينا عدداً منها تدخل في شراكات مجزية حسنت من مستوى الخدمة فيها. فعلى سبيل المثال، حلت شركات (كوانتاس) الأسترالية في المركز العاشر، وهو أمر مفاجئ لمن جرّب خدمات هذه الشركة التي يتجاوز عمرها ثمانين عاما! ولكنها دخلت في شراكة مع الشركات الخليجية بحيث تدير الشركات الخليجية بعض رحلاتها، ما أدى إلى رفع مستوى رضا العملاء عنها.

وهنا درس يمكن لشركات الطيران الخليجية القديمة التي حلت في أماكن متأخرة من رضا الركاب الاستفادة منه. فشركة الخطوط السعودية التي بلغت السبعين من عمرها، انخفض مستوى رضا الركاب عن خدماتها خلال عام واحد سبع درجات. فاحتلت المركز الـ(84) عام 2015، بعد أن كانت في المركز الـ(77) العام الماضي. ومثلها (طيران الخليج) التي حلت في المركز الـ(88) هذا العام بعد أن حلت في المركز الـ(86) العام الماضي.

والحل هو أن تسعى هذه الخطوط القديمة إلى الاستفادة من تجربة الخطوط الفتية، والدخول معها في شراكات ترفع من مستوى خدماتها وتعيد بعض ثقة المسافرين فيها. فالخطوط السعودية تتميز بموقعها في جدة، قُرب المناطق المقدسة، وتستطيع من خلال ذلك تصميم برامج خاصة لحجاج ومعتمري البيت الحرام والزوار يمكنها منافسة الخطوط الأخرى، وتحويل مطار جدة إلى نقطة عبور متوسطة بين آسيا وأوروبا وأفريقيا.