أجزم أن الشيء "المتفق عليه" في المحاكم هو: أن "كثير" من القضاة هم السبب الرئيسي في تراكم المعاملات والقضايا، بمزاجيتهم، وقلة دوامهم..!

وبغض النظر عن حق القاضي في التغيب أو التأخر عن العمل؛ إلا أن القضاة لا يعترفون بأن "كثير" منهم أصبح عقبة أمام تطور المحاكم، ولا يعترفون بأن القضايا تتراكم في مكاتبهم.. ومن دون الاعتراف بالمشكلة وإدراك أسبابها لا يمكن حلها..!

لو حلفت أن 50% من القضايا المنظورة في المحاكم يتم تأجيلها عدة مرات لما حنثت، فالكل يعلم أن القاضي يحدد موعدا لتلك القضية ثم لا يحضر هو، أو لا يكون راغبا بالحكم فيها الآن، فيطلب من الموظف تحديد موعد آخر، وبعض القضاة يحدد مواعيد لبعض الجلسات ثم لا يفي بالمواعيد فيأخذ إجازةً ولا يكلف أحدا يخبر المتقاضين بتأجيل مواعيدهم..!

قبل أيام "فوجئ" وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني بتغيب عدد من القضاة والموظفين أثناء زيارته لمحاكم مكة المكرمة.. ويبدو أن الوزير هو الوحيد الذي "تفاجأ"؛ لأن الشعب لا يجد في تغيب القضاة أي غرابة فهي الأصل في "جل" المحاكم، نستثني "بعض" القضاة وليس بعض المحاكم..!

زيارة الوزير كانت لتفقد المحاكم وآليات سير العمل فيها خلال شهر رمضان، ليفاجأ بأنه لا يوجد من يسير العمل من الأساس إلا عدد قليل جدا من القضاة والموظفين..!

معالي الوزير.. سامحك الله، لو كنت سربت خبر زيارتك مسبقا بـ"الواتس أب" لوجدت البخور على مدخل المحكمة، ولوجدت كل قاضٍ على طاولته يقضي بين الناس ببشاشة وحِلم وسعة صدر..!

تقول بقية القصة التي ترويها صحيفة "مكة" إن الوزير بحث عن الموظفين في المحكمة فقابل أحدهم، وكان يبدو على الموظف عدم معرفته للوزير، فسأله الوزير: "أين الموظفون؟"، فكان رد الموظف لا يوجد أحد ماذا تريد؟ فسأل الوزير عن القضاة وكرر الموظف أنه لا يوجد أحد لا موظفين ولا قضاة، ليترك بعدها الوزير المحكمة في الفوضى التي تعمها وعدم وجود القضاة والموظفين في أوقات الدوام الرسمي..!

وبعد يوم واحد من نشر الخبر، قال وزير العدل: "زيارتي للمحاكم ليست لتفقد الحضور فقط".. لكن يا معالي الوزير إذا لم تُثمر زيارتك هذه في "الحضور" فلن تثمر بقية الزيارات في بقية الأمور..!