يقول: "بعد مسيرة عشرين عاما كقائد أوركسترا؛ أدركت أنني الوحيد الذي لا يصدر عنه أي صوت، بينما تظهر صورته هو وحده على غلاف الألبوم!"هذا الاعتراف الساخر صدر مبكرا من قائد أوركسترا "بوسطن": الموسيقي "بنيامين زاندر"، حينما كان يبلغ 45 عاما، أي قبل ثلاثة عقود من اليوم! والذي من تلك الصدمة أدرك أن سر نجاحه يعتمد في قدرته على جعل الآخرين يبذلون قصارى جهدهم، فهو لن يعزف على أداة موسيقية واحدة، فضلا أنه ليس هو مؤلف المقطوعة الموسيقية أو موزعها، ولكنه المتابع اللحظي لأداء جوقة العازفين، والمفكر للحظة القادمة من العزف!

يكاد يكون "زاندر" أحد الموسيقيين القلائل المهتمين بمهارات القيادة والتأثير، بل إنه يعد من مشاهير التحدث في هذين المجالين، لكنه يتميز عن الآخرين بأنه يقدم خلاصة آرائه وملاحظاته ممزوجة بالمعزوفات الكلاسيكية، كما أنه يقتنص فرصة مروره السريع على ترتيب النوتة الموسيقية، ليثبت أنها مرتبطة ببعضها بعضا ولا يمكن أن تعمل وحدها، ويدلل على ذلك بمقطوعات "شوبان" التي تقطر حزنا، فقط لأن مبدعها استطاع الاستفادة من ترتيب النوتة الموسيقية جيدا. لكنه يعود سريعا إلى تجربته الشخصية كقائد أوركسترا؛ ليؤكد أن "أهم صفة في القائد أنه لا يشك لحظة واحدة في قدرة من يقود لتحقيق الهدف"، فهم من سيعمل، وهم من سيحقق الهدف.

يؤكد دوما قائد الأوركسترا المخضرم أن أحد أهم أدوار القائد هو التركيز على إيقاظ القدرات وتحفيز الأرواح، وكي يتأكد القائد من نجاحه في تحقيق ذلك؛ عليه أن ينظر في أعين تابعيه، فإن كانت تلمع وتشع فلقد نجح، والعكس صحيح!

أدعوك صديقي لمشاهدة محاضرات "زاندر" فهي متوافرة عبر شبكة الإنترنت، لأنها مختلفة عما سواها، فهو خفيف الظل وعازف بيانو ماهر، والأروع من ذلك ذو ذخيرة ثقافية واسعة، وحتما سيسعد قلبك ويثري عقلك.