حتى الآن، لا أجد في كل ما ساقه مسؤولو الاتحاد السعودي لكرة القدم ما يبرر نقل مباراة السوبر بين الهلال والنصر إلى العاصمة البريطانية لندن، وأحسب أنني لست الوحيد في ذلك، فهناك كثير من الأصدقاء الذين اعتادوا على الأجواء الجماهيرية التي تصاحب لقاءات الفريقين العريقين، يشعرون باستغراب من هذا القرار، ومنهم من قال لي إنه غير قادر على تخيل فرحة الفريق الفائز بعيدا عن جماهيره.

ومع أن اتحاد الكرة لم يوضح الآلية التي اُتخذ بها هذا القرار ولا دواعيه، سارع عدد من مسؤوليه لتقديم دفاعهم عنه، مركزين على أمرين أساسيين: أولهما، إعلاني، وثانيهما: تجاري، دون أن يأخذوا في الحسبان أبعادا أكثر أهمية تتصل بروح اللعبة وهدفها الأسمى.

من جهة، القول إن نقل المباراة إلى لندن سيساعد في الترويج للكرة السعودية خارجيا أقرب إلى مزحة، إذ لا يعقل أن يحقق لقاء مدته 90 دقيقة أو "حتى 120 إذا حدث تمديد" مثل هذا الهدف، بينما يعاني منتخبنا الأول، الذي كان خير سفير لنا في السابق، من غياب مستمر عن المنافسات الدولية الكبرى، ولا يعقل كذلك أن نتوقع لمثل هذه المباراة، "على أهميتها"، أن تجذب الجماهير الإنجليزية التي تعيش حالة تشبع كروي سواء بوجود أفضل نجوم العالم في أنديتها الشهيرة، أو بحكم المنافسة الشرسة في مسابقاتها المختلفة.

أما السعوديون والعرب الذين سيوجدون في بريطانيا وقت المباراة، فلا أعتقد أن لديهم ولعا بكرة القدم يجعلهم يتوجهون إلى ملعب المباراة بالكثافة التي تماثل، أو حتى تقترب، مما نشاهده في ملعب الملك فهد أو الجوهرة في مواجهة من هذا النوع.

من جهة ثانية، يدخل الحديث عن عوائد اقتصادية ضخمة ستعود على الكرة السعودية من جراء إقامة المباراة خارج المملكة في باب عدم الواقعية، ذلك أن هذا العائد لن يتجاوز – وفق المعلن من قبل القائمين على الحدث- 18 مليون ريال، أي أنه أقل من قيمة صفقة انتقال لاعب واحد بين ناديين كبيرين، ثم إن العائد ذاته كان قابلا للتحقق لو أقيمت المباراة في الرياض، أو لو عدل الاتحاد السعودي لوائحه وجعل بطولة السوبر من مباراتين، على غرار ما يحدث في السوبر الإسباني، إذ يلتقي بطلا الدوري والكأس ذهابا وإيابا، ما يضمن جني عوائد مضاعفة.

في تقديري أن إقامة مباراة النصر والهلال، بما لهما من شعبية جارفة، بعيدا عن جماهير الناديين، لن يضيف جديدا للكرة السعودية، بل على العكس سيتسبب في نزع الدسم الجماهيري عنها، وسيحرم عشاق الفريقين – وغالبيتهم لا يستطيع السفر إلى لندن – من متعة معايشة الحدث والتفاعل المباشر معه، وهو أمر من شأنه أن يؤدي لاحقا إلى تباعد بين المشجع وملاعب الكرة، ومن ثم تراجع مستوى التنافسية الذي وصلت إليه المسابقات السعودية خلال العقدين الماضين، فضلا عن فقدان اللعبة دورها النبيل في إمتاع عشاقها حيث كانوا لا حيث تكون!