هذا صحيح: سوف أقول لك من أنت! قياساً على القول الشهير: "قل لي من تصاحب؛ أقل لك من أنت".

العجيب أننا وعلى الرغم من تعرضنا كل لحظة إلى سيل هائل من التدفق المعلوماتي المتنوع؛ إلا أن أغلبنا يختار أن يتعرض انتقائياً إلى ما يوافق أهواءه وأفكاره، وهذا السلوك المثبت علميا انتقل من متابعتنا للوسائل الإعلامية التقليدية إلى وسائل الاتصال الاجتماعي. ففي "تويتر" مثلا أمسى المغرد يميل إلى متابعة المغردين الذين يدعمون نفس الآراء ويحملون نفس التوجهات، ويقوم بتجاهل المغردين الآخرين لمجرد اختلافهم عما يؤمن به. الإشكالية هنا أن هذا "التعرض الانتقائي" سوف يؤدي إلى مزيد من "الانحياز التأكيدي" لأي قضية؛ فقط لأن من تتابع أكدّها بمعلومة – قد تكون ناقصة- أو بوجهة نظر بالطبع متحيزة! وهو ما يحدث كثيراً في القضايا الرياضية، فمشجعو نادي الهلال لن يقتنعوا بوجهة نظر محلل رياضي نصراوي، وهو ما يجري -أيضاً- في القضايا الاقتصادية والمستجدات السياسية وهلم جرا.

السؤال هنا: لماذا نحرم أنفسنا من كل هذا التنوع المجاني والواسع في منصات التواصل الاجتماعي؟ ففي جميع التخصصات والمشارب هناك كل ألوان الطيف من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والكثير يحرم نفسه من هذه الفرصة، ويستمر يرد إلى نفس النبع كل يوم، ولم يحاول ولو لمرة واحدة أن يستكشف المختلف ويجرب المخالف.

حاول ولو لأيام معدودة أن تتابع من لا يوافق هواك، أو من يتنبى وجهة نظر لا تؤمن بها، لكن شرط أن تكون منفتح العقل ومتقبلا للرأي؛ فمن يدري قد يعجبك ما تراه وقد يغيّر رأيك، وهو ما حدث معي شخصياً في أكثر من قضية بعد أن سمعت وجهة النظر الأخرى وأدركت معلومات جديدة، بيد أن المؤكد أن هذه المتابعة سوف تجعلك أكثر إلماماً بالواقع، وأوسع إدراكاً لما يحدث حولنا.