يوم أمس وقف الشاعر العربي "لبيد بن ربيعة" أمام جمهور سوق عكاظ مرة أخرى. بعد مئات السنين من رحيله! ليس هذا وحسب، بل تجاوز محيطه العربي ليتجاذب أطراف الحديث مع المستشرق الفرنسي "شارل هابر"!

عام بعد عام تؤكد النسخة المعاصرة من سوق "عكاظ" أنها قادرة على جذب الركبان من جديد، فكل دورة من السوق تتجدد وتتوسع، خصوصا العرض المسرحي الرئيسي الذي يستلهم كل عام قصة شاعر عربي من شعراء المعلقات، وتقدمه بأسلوب مبتكر كما فعل الليلة الماضية كاتب مسرحية "سراة الشعر والكهولة" المبدع السعودي "صالح زمانان"، حينما استطاع تقديم سيرة الشاعر المعمّر بأسلوب "فنتازي" وشخصيات مركبة، عبر نافذة اهتمام المستشرقين بشعراء المعلقات، ولا تنس اللمسة الجميلة لعدد من مختصي الأوبرا الإيطالية التي جعلتنا نتسمر أربعين دقيقة متواصلة للاستمتاع بسيرة الشاعر الذي كان يرى الموت هو الأمل!

الأمر الرائع الآخر في عكاظ هو جادة السوق التي تحتوي جميع الفعاليات وفيها خيمة المعارض، وكذلك عروض الفلكلور الشعبي من أنحاء المملكة كافة، وكأنما تعيش كرنفالا مليئا بالفرح والسرور، والحقيقة أنني أتسأل عن مدى إمكانية أن تستمر فعاليات سوق عكاظ على مدى العام؟ فالجادة موجودة وخيمة الفعاليات كذلك، فلمَ لا تستمر كسوق شعبي تجاري كما كان سوق عكاظ العتيق سابقا؟ ويستفاد من الخيمة في تنظيم بعض الفعاليات الثقافية لشباب المحافظة، فالطائف اليوم تحتاج منبرا ثقافيا إضافيا، وحاضنة فنية أخرى لمبدعي المحافظة.

كل الشكر لسمو الأمير خالد الفيصل، الذي آمن بفكرة إحياء سوق عكاظ من جديد، وها هو يرى نجاحات السوق تتضاعف كل عام، وليحجز موقعه على روزنامة الفعاليات العربية بكل اقتدار، بقي أن نكسب تحوله إلى سوق تجاري وثقافي يومي، دون أن نخسر فعاليات السوق الموسمية؛ فهل نسعد بهذا الخبر قريبا؟