في الأشهر القليلة الماضية شهدت المملكة عددا من الأحداث الإجرامية الإرهابية في مساجدنا، راح ضحيتها أنفس بريئة قتلت بدون ذنب، ويقوم بالتخطيط لهذه الجرائم فئة ضالة ذات عقول مريضة، وأفكار مضروبة وتدعي الإسلام وهي التي تقتل المسلمين بدون جرم؛ فالإسلام منها براء، ولا تعرف عن الإسلام إلا اسمه؛ وذلك لأن أفعالهم المشينة تعكس واقعهم الذي يعيشونه، والمشكلة هنا تكمن في أن من يقوم بتنفيذ مخططاتها فئة مستهدفة من شبابنا أعمى الله بصرها وبصيرتها، وتعاني تلوثا فكريا، وإعاقات عقلية جعلتها تستمع لهذه الفئة الإرهابية، وتصدقها في كل ما تقوله، بل وتنفذ جميع ما تخطط له، وهذه الفئة الضالة التي قد يكون بعضها بيننا وبعضها الآخر يعمل عن بعد خارج حدود الوطن بدأت تتحكم في تصرفات صغار السن من الشباب، وتحركهم بالشكل الذي تريده؛ فهم يعملون كالآلات التي يتم التحكم بها عن بعد.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يقوم شبابنا بتنفيذ هذه الهجمات الإرهابية؟ وما المغريات التي يتلقونها ممن يقف وراء التخطيط لمثل هذه الأعمال المشينة؟ وكيف استطاعوا أن يقنعوا شبابنا للقيام بهذه التصرفات غير السوية؟ وحقيقة الأمر أن أمن وطننا مسؤوليتنا جميعا أفرادا وجماعات، ومؤسسات، وجمعيات، وكل منا مطالب بأن يقوم بالدور المنوط به لحماية وطننا من هذه الفئة ومن أتباعها المغرر بهم، فرب الأسرة مسؤول عن تربية أفراد أسرته التربية السليمة المبنية على الأسس الإسلامية الصحيحة بعيدا عن الغلو والتطرف، كما أنه مسؤول عن متابعة ابنه والتعرف على أصدقائه، ويراقب تصرفاته حتى بعد بلوغه الثلاثين من عمره؛ لأن بعض شباب اليوم عمره العقلي أصغر بكثير من عمره الزمني، ويسهل إقناعه، وخداعه، وأن يبلغ عمن يرى منه أي تصرف غير سليم تجاه الوطن، ومقدراته، والمعلم في صفه مسؤول عن توجيه الطلاب، والإسهام في تربيتهم التربية السوية، وأن يكون قدوة صالحة لهم، ويكون قريبا منهم، ويشاركهم في أحاديثهم، ويسمع منهم، ويشجع مواهبهم، ويتابع من يرى لديه بعض التوجهات غير المرغوبة، وينسق مع إدارة المدرسة في حال اقتناعه باعتناق بعض الطلاب لفكر هذه الفئة الضالة المضلة، ويتوقع من المدرسة أن تعد برامج توعوية موجهة لأفكار هذه الفئة، وتوضح كيفية استقطابها لهم من خلال خداعهم، وتحذرهم من الانخراط فيما ينادون به من توجهات مضللة.

وإمام المسجد مسؤول عن تقديم النصائح والإرشادات التي تسهم في التربية السليمة البعيدة عن التطرّف، وهو مطالب بأن يوجه خطبه، ودروسه الوعظية للشباب ويركز على خطر الفئة الضالة، وفكرها المنحرف الذي لن يعود على الوطن والمواطن إلا بالخراب، والقتل، والدمار، وتكون تلك الجهود بشكل مستمر، ولا تكون ردة فعل أو نتيجة لحادث ما، كما أن الإعلام بمختلف وسائله يقع عليه دور كبير في مناقشة مثل هذه المواضيع من كافة جوانبها، من خلال استضافة المتخصصين في البرامج التلفازية التي تكون بشكل مستمر على مدار العام، ومن خلال التحقيقات الصحفية التي يتم إخراجها في حلقات بشكل يجذب فئة الشباب، كما أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن يكون موجها لمحاربة هذا الفكر الضال، ولنشر الفكر المعتدل بشكل منهجي سليم، بعيدا عن الغلو والتطرف، كما أن المجتمع بشكل عام مطالب بأن يكون ضمن برامج مناسباته الاجتماعية المختلفة فقرة تخصص لهذه المشكلة، وكيفية التصدي لها، وتوعية الشباب بخطرها، والجامعات يتوقع منها القيام بدور ريادي في هذا المجال من خلال المحاضرات، والندوات، وحلقات النقاش، والعصف الذهني، موجهة لفئة الشباب الذين هم ضحايا هذه الفئة الضالة، ويكون ذلك ضمن برامج الجامعة ومناشطها التي يخطط لها على مدى العام سواء على مستوى الجامعة، أو مجتمعها الخارجي، كما يتوقع أن تكون للجامعة إبداعات متميزة في هذه الجوانب عند مشاركتها في فعاليات المجتمع التوعوية، والاجتماعية، وغيرها، وكل وزارة، أو قطاع عام أو خاص عليه دور بشكل مباشر، أو غير مباشر في تحقيق أمن الوطن، وحماية شبابه من تبني أفكار الفئة الضالة، وقد يتحقق ذلك من خلال المشاركات في البرامج المختلفة، أو من خلال الدعم المادي أو المعنوي للأفراد أو للمؤسسات التي تقوم على مثل هذه البرامج تخطيطا وتنفيذا، حفظ الله لنا قادتنا، وحفظ على وطننا أمنه واستقراره.