لكل "جديد" إيجابيات وسلبيات.. وللتقنية منافع كثيرة، لكن أحياناً يكون لها أضرار خفية لا يُلتفت إليها؛ إلا بعد فوات الأوان.. في عصر التقنية يبدو أن أدمغة الأطفال أصبحت خارج نطاق السيطرة..!

فلم يعد ممكناً السيطرة على عقل الطفل بالتوجيه وتحديد خيارات المشاهدة حسب رأي الأسرة أو المدرسة أو حتى القائمين على التلفزيون.. ولم يعد الإعلام المؤسسي الحكومي والخاص ذا تأثير على تلك الأدمغة "الصغيرة حجماً، الضخمة خيالاً"، وكذلك المدرسة لم يعد لها دور كبير في تشكيل ذهنية الطفل، بل أحياناً تكون "بيئة المدرسة" ذات تأثير أقوى من إدارة المدرسة بمعلميها وأنشطتها ومناهجها..!

في فترة من الزمن كان "الطفل" خارج اهتمامات القنوات التلفزيونية، فكانت فترات الطفولة قصيرة ومحدودة، وتعتمد على الدبلجة بلا أي وعي بالقيمة الفكرية في المادة التلفزيونية ومدى أثرها على عقلية الأطفال، ثم تطور الأمر مع حضور الفضائيات فأصبح للطفل "قنوات" تتنوع بين المحافظة والانفتاح، وتتقاطع بشكل عكسي إلى أقصى الطرفين، بينما يراوح عقل الطفولة بينهما وتتضارب الأفكار في أدمغتهم بلا توجيه وبلا رقابة لتفعل ما تفعل بتلك البذرة التي نعول عليها المستقبل.. مضت السنوات وكانت قنوات الأطفال تتكاثر بينما وجدت الأطفال مهرباً من سلطة "التلفزيون" الذي يتحكم بمادة المشاهدة ووقتها، فهربوا إلى القنوات "اليوتيوبية" الفردية التي ينتجها أطفال منهم أو مراهقون قريبون منهم، ويبثونها بلا إعداد مسبق وبلا رقابة تالية، فيتفرجون عليها بضغطة "زر" بهواتفهم وأجهزتهم اللوحية في أي وقتٍ شاؤوا وبمفردهم وبلا رقيب..!

كل أنواع "الرقابة" تلاشت ولم يبق إلا سلطة الأسرة لتفرض على الأطفال ما يناسبهم.. وإلا على الطفولة السلام.