علينا أن نعترف أن التعليم والصحة هما القضيتان الأهم  لدى الفرد السعودي، هما مشكلة أمة ورقيّها في نفس الوقت، لكن هل أحسنا العمل في هذين القطاعين الكبيرين اللذين ينالان أضخم الميزانيات وأكبر الموارد؟ ولن ننحى إلى الفلسفة، إذا ما أكدنا على أن الصحة الجيدة والتعليم المناسب لمتطلبات العصر شرطان أساسيان في تحقيق الأهداف العليا لكل بلد، ناهيك عن أنهما أكثر ما يحقق التنمية ويعزز استمرارها، ورغم ذلك  ظل الأمر أقل من المطلوب.

ولن نبالغ إذا ما قلنا إنّ المراكز الصحية والمستشفيات مع المدارس الحكومية والجامعات قد فقدت الكثير من الثقة فيما تقدمه، ليكون سبيل من يريد علاجا ناجعا أو تعليما راقيا البحث عنه في الخارج أو على الأقل عبر القطاع الخاص في المجالين محليا، وبلا شك أن هذا الجانب يخص أصحاب القدرة المالية أو الواسطة النافذة، لكن هل الأكثرية كذلك؟

نتحدث عن تعليمنا الذي لم يكتشف نفسه إلى الآن ليستمر في كونه تقليديا تلقينيا، وليس ذلك الذي يفتح أبواب التكوين المهني والتطوير التقني ودمج مفهوم العمل في برامج التعليم.

ومع ذلك لم نستطع أن نرتقي به أو نجعله يقف على رجليه، والأمر نفسه ينطبق على الصحة من خلال أن البيروقراطية الحكومية فعلت فعلها فيها، حتى باتت المشروعات معطلة والكوادر السعودية قليلة، والخدمات ضعيفة جدا، وفي كلتا الحالتين هرب كثيرون إلى الخارج للبحث عن العلاج أو التعليم، وبعض آخر استعان بالمدارس والمستشفيات الخاصة محليا، تلك التي وجدت في الحكومي مثالا لها يحتذى به، إضافة إلى أنها استمرأت الاستغلال وضمت الكفاءات الضعيفة المستوى، وجميع ذلك لم نستطع أن نتخذ ضده إجراء رادعا لأن "باب النجار مخلّع".

لم نسأل أنفسنا عبر حوار أو مؤتمر وطني كبير، هل حقا تعليمنا ينسجم معنا، وهل ما نقوم به عبر كثير من المناهج المعتمدة هو في إطار الهدر الذي لا نستفيد منه، الأكيد أننا لم نفعل ذلك، بل إن بعض المسؤولين ينافحون وكأنهم مرسخو الفضيلة عبر دعم تلك المناهج لتستمر اللاءات، وأحيانا التجارب المناهجية ليظل التعليم بعيدا عن الواقع، بل لا يعرف رأسه من رجليه، فيستمر دوراننا من خلال لجان تطوير التعليم التي تبحث عن إصلاح شيء مفقود.

الصحة والتعليم ليستا محل تجارب بل هما عماد وأساس الرقي والتطور، وما نتمناه ألا تكون هاتان الوزارتان المهمتان محل تجارب؛ لأنهما ركيزتان في الاستراتيجية الوطنية العليا؛ لذا فلنحسن توجيههما من خلال تأسيسهما بما يتفق مع العصر، وبما نحتاجه نحن، لا أن نكون دافعي أموال فقط، ولا تهمنا النتائج.

ختام القول إننا ما زلنا متفائلين ولم نستسلم، ولم نرفع الراية البيضاء، لم نعلن عن صلاة الجنازة على الخطط التعليمية والمشروعات الصحية، غير أننا سنظل نتساءل، وعلى مسؤولينا أن يجيبوا: لماذا لا نعترف بأننا نعاني من كارثة في الصحة والتعليم؟ وما الحلول لأن أمورهما في تراجع؟.. لعل الله ينفع بها فننقذهما من بؤسهما.